للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِدُونِ الشَّرْطِ فَالشَّرْطُ لَا يَزِيدُهُ إلَّا وِكَادَةً، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى الْعَامِلِ، فَاشْتِرَاطُهُمَا عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ عِوَضٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ، فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ يُطَيِّنَ رَبُّ الدَّارِ سُطُوحَهَا، وَعَلَى أَنْ يُصْلِحَ مَسَارِبَهَا لِمَسِيلِ الْمَاءِ جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ بِدُونِ الشَّرْطِ؛ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ رَبُّ الدَّارِ فَوُكِفَتْ الْبُيُوتُ، وَجَاءَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ فَاشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا وِكَادَةً، وَلَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الدَّارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ هَذِهِ الْأَعْمَالَ عَلَيْهِ، كَاشْتِرَاطِ مُؤْنَتِهَا لِنَفْسِهِ بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ، وَلَوْ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كِرَابَهَا أَوْ الْكِرَابَ وَالثُّنْيَانَ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي جَانِبِ الْأَرْضِ يَلْزَمُ بِنَفْسِهِ، وَمُوجَبُهُ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ، وَاشْتِرَاطُ الْكِرَابِ وَالثُّنْيَانِ عَلَيْهِ يُفَوِّتُ مُوجَبَ الْعَقْدِ، فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ ثُمَّ الْكِرَابُ وَالثُّنْيَانُ مِنْ عَمَلِ الزِّرَاعَةِ، وَاشْتِرَاطُ بَعْضِ عَمَلِ الزِّرَاعَةِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، كَاشْتِرَاطِ الْحِفْظِ، ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ وَعَمَلِهِ فِي الْكِرَابِ وَالثُّنْيَانِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّ عَمَلَهُ فِي الْكِرَابِ وَالثُّنْيَانِ يُتَقَوَّمُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَجْرَ مِثْلِ الْأَرْضِ مَكْرُوبَةً أَوْ مَكْرُوبَةً مُسَنَّاةً؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا فِي وَقْتِ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِيهَا، وَهِيَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْبَذْرِ لَا يَكُونُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ، وَالْكِرَابُ وَالثُّنْيَانُ يَسْبِقُ ذَلِكَ، فَاشْتِرَاطُهُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْكِرَابَ فِي الثُّنْيَانِ بِالْبَقَرِ يَكُونُ، وَاشْتِرَاطُ الْبَقَرِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ جَائِزٌ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ، فَكَذَلِكَ اشْتِرَاطُ الْكِرَابِ وَالثُّنْيَانِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَنْ يُسَرْقِنَهَا أَوْ يَعْذِرَهَا، وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ فَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ إتْلَافَ عَيْنِ مَالٍ لَا يَقْتَضِيه عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْكِرَابِ وَالثُّنْيَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الزِّرَاعَةِ، فَاشْتِرَاطُهُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ يَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ، وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ، وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ مِنْ ذَلِكَ وَقِيمَةُ سِرْقِينِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِيمَا بَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>