بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَلَمَّا حَصَلَ الْخَارِجُ قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ شَرَطْتُ لَكَ عِشْرِينَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ نِصْفِ الْخَارِجِ بِالشَّرْطِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الِاسْتِحْقَاقَ لَهُ، وَلَا يُقَالُ: الظَّاهِرُ يَشْهَدُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الْأَصْلُ فِيهِ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ يَصْلُحُ لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ بِهِ، وَحَاجَةُ رَبِّ الْأَرْضِ إلَى ابْتِدَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِذَا حَلَفَ صَاحِبُ الْبَذْرِ أَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِ أَرْضِهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَقَالَ الْمُزَارِعُ شَرَطْتُ لَهُ النِّصْفَ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: شَرَطْتَ لِي عِشْرِينَ قَفِيزًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ أَجْرَ الْمِثْلِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُزَارِعِ وَالْمُزَارِعُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ، ثُمَّ الظَّاهِرُ يَشْهَدُ لِلْمُزَارِعِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ، وَحَاجَةُ الْمُزَارِعِ إلَى دَفْعِ اسْتِحْقَاقِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِذَلِكَ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِبَيِّنَتِهِ اشْتِرَاطَ نِصْفِ الْخَارِجِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ لَيْسَ يُثْبِتُ بِبَيِّنَتِهِ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِاشْتِرَاطِ عِشْرِينَ قَفِيزًا، وَذَلِكَ لَا يُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ بَلْ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ، فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، فَتَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ مَنْ تُثْبِتُ بَيِّنَتُهُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَصِحَّةَ الشَّرْطِ، وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ حَتَّى اخْتَلَفَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَهَا بِأَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَوُجُوبَ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنَّهُ دَفَنَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ أَنَّهُ أَخَذَهَا بِعِشْرِينَ قَفِيزًا مَعَ يَمِينِهِ عَلَى مَا ادَّعَى رَبُّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الْخَارِجِ عَلَيْهِ، وَالْمُزَارِعُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَقِيلَ لَا مَعْنَى لِيَمِينِ الْمُزَارِعِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ، وَقَدْ ادَّعَى مَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْفَسْخِ مِنْهُ ثُمَّ الْيَمِينُ إنَّمَا تَنْبَنِي عَلَى دَعْوَى مُلْزِمَةٍ، وَدَعْوَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا تُلْزِمُهُ شَيْئًا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، فَلَا مَعْنَى لِاسْتِحْلَافِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَمَّا أَدْرَكَ الزَّرْعَ قَالَ الْعَامِلُ: شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: شَرَطْتُ لَكَ عِشْرِينَ قَفِيزًا مِنْ الْخَارِجِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ جُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِالشَّرْطِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الِاسْتِحْقَاقَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا، فَقَالَ الْعَامِلُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute