للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ رَجُلٌ الزِّرَاعَةَ مِنْ الزَّارِعِ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ عَامِلٌ، وَالْمُزَارَعَةُ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُسْتَحَقًّا لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِمَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ، فَإِذَا كَانَ الضَّمَانُ شَرْطًا فِي الْمُزَارَعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا اسْتِئْجَارٌ لِلْأَرْضِ فَتَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلَاهُ شَرْطًا فِي الْمُزَارَعَةِ صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ وَالضَّمَانُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ الضَّمَانُ وَالْمُزَارَعَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مُسْتَأْجِرٌ لِلْعَامِلِ، وَقَدْ صَارَتْ إقَامَةُ الْعَمَلِ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَهُوَ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ فِي تَسْلِيمِهِ فَيَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالْكَفَالَةِ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ أَوْ مَقْصُودًا بَعْدَ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ بِالْأُجْرَةِ، وَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ تَعَنَّتَ الزَّارِعُ أَخَذَ الْكَفِيلُ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ بِإِيفَاءِ مَا كَانَ عَلَى الْأَصِيلِ وَهُوَ عَمَلُ الزِّرَاعَةِ، فَإِذَا عَمِلَ وَبَلَغَ الزَّرْعُ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُزَارِعُ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا لِأَنَّ الْكَفِيلَ كَانَ نَائِبًا عَنْهُ فِي إقَامَةِ الْعَمَلِ، وَلِلْكَفِيلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ إنْ كَانَ كَفَلَ بِأَمْرِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعَمَلَ بِأَمْرِهِ وَأَوْفَاهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ؛ وَمِثْلُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ كَالْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ إذَا أَدَّى، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ عَلَى الزَّارِعِ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ مَا الْتَزَمَهُ الْعَامِلُ هُنَا لَا تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي إيفَائِهِ وَهُوَ عَمَلُ الْمُزَارِعِ بِنَفْسِهِ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْكَفِيلِ إبْقَاءُ ذَلِكَ فَيَبْطُلُ الضَّمَانُ، وَتَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا إنْ كَانَ الضَّمَانُ شَرْطًا فِيهَا، وَالْمُعَامَلَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُزَارَعَةِ، وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ كَفَلَ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ - وَالْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْعَامِلِ - فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ نَصِيبَ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ مَا يَهْلَكُ مِنْهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ، وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَةِ لَا تَصِحُّ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ الْوَدِيعَةِ، إنَّمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ مَضْمُونُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْأَصْلِ ثُمَّ تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ شَرْطًا فِيهَا، وَالْمُعَامَلَةُ فِي هَذَا كَالْمُزَارَعَةِ. وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ لِأَحَدِهِمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ إنْ اسْتَهْلَكَهَا صَاحِبُهَا - فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْمُزَارَعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِيهَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّهَا أُضِيفَتْ إلَى سَبَبِ وُجُوبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الِاسْتِهْلَاكُ، وَإِضَافَةُ الْكَفَالَةِ إلَى سَبَبِ وُجُوبِ الضَّمَانِ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّ هَذَا دَيْنٌ يَجِبُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَا بِسَبَبِ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ. وَعَقْدُ الْمُزَارَعَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَفِيلًا بِدَيْنٍ آخَرَ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ - يَكُونُ صَحِيحًا كَعَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَإِذَا شَرَطَا الْكَفَالَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>