وَلَا يُدْرَى مَا فَعَلَ - فَضَمَانُ حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي مَالِ الْمُزَارِعِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُزَارِعِ، فَإِذَا مَاتَ مُجْهِلًا لَهُ كَانَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَالْوَدِيعَةِ يَصِيرُ دَيْنًا بِمَوْتِ الْمُودِعِ فِي تَرِكَتِهِ إذَا كَانَ لَا يُعْلَمُ مَا صَنَعَ بِهَا. وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْعَامِلُ بَعْدَ مَا طَلَعَ التَّمْرُ فَبَلَغَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ فَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّخِيلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ رَبِّ النَّخْلِ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْعَامِلِ.
وَإِذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ الْمُزَارِعُ أَوْ مَاتَا جَمِيعًا فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ الْحَيُّ مِنْهُمَا مَعَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فِي شَرْطِ الْأَنْصِبَاءِ - فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ أَوْ وَرَثَتِهِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِالشَّرْطِ. فَإِذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ فِي الْمَشْرُوطِ وَأَنْكَرَهُ هُوَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ حَيًّا. وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَوَرَثَتُهُ يَخْلُفُونَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ بِاَللَّهِ عَلَى عِلْمِهِمْ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآجِرِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ بِبَيِّنَتِهِ. فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي صَاحِبِ الْبَذْرِ أَيْضًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الثَّبَاتِ إنْ كَانَ حَيًّا.
وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ عَلَى الْعِلْمِ، لِأَنَّ الْخَارِجَ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ أَوْ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْيَدِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مُحْتَاجٌ إلَى الْإِثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ. وَلَوْ كَانَا حَيَّيْنِ فَاخْتَلَفَا فَأَقَامَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ الْبَذْرِ وَأَنَّهُ شَرَطَ لِلْمُزَارِعِ الثُّلُثَ، وَأَقَامَ الْمُزَارِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ الْبَذْرِ وَأَنَّهُ شَرَطَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ - فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَارِجُ الْمُحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ بِبَيِّنَتِهِ.
وَإِذَا مَرِضَ رَجُلٌ وَفِي يَدِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَهَا مُزَارَعَةً، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ، وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ شَرَطَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْغَ رَمَاءُ: فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بَعْدَ مَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ - بُدِئَ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ، وَالْمَرِيضُ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لَمْ يُصَدَّقْ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّة فَيُبْدَأُ بِدَيْنِهِمْ فَيُقْضَى، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مِقْدَارُ أَجْرِ مِثْلِهَا مِنْ الثُّلُثَيْنِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَلِأَنَّ فِي مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ أَقَرَّ بِسَبَبٍ مُوجِبٍ لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ يَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ السَّبَبِ فِي حَقِّ وَرَثَتِهِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ مُحَابَاةٌ مِنْهُ، وَالْمَرِيضُ لَوْ أَنْشَأَ الْمُحَابَاةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَتْ مِنْ ثُلُثِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِهِ. وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِذَلِكَ حِينَ طَلَعَ الزَّرْعُ وَفِي ثُلُثَيْ الزَّرْعِ فَضْلٌ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَمْ يُثْبِتْ حَتَّى اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ ثُمَّ مَاتَ - فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَضْرِبُ مَعَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute