للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالشِّرْبِ بَاطِلٌ.

وَسَأَلْتُهُ عَنْ نَهْرٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُ أَرْبَعُ كُوًى فَأَضَافَ إلَيْهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ كُوَّتَيْنِ فِي نَهْرِهِمَا بِرِضَاهُمَا حَتَّى إذَا انْتَهَى إلَى أَسْفَلِ النَّهْرِ كَرَى مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضِهِ ثُمَّ بَدَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْقُضَهُ بَعْدَ زَمَانٍ أَوْ بَدَا لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ نَقْضُهُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ أَعَارُوا الْأَجْنَبِيَّ النَّهْرَ لِيُجْرِيَ مَاءَهُ فِيهِ إلَى نَهْرِهِ خَاصَّةً فَلَهُمْ أَنْ يَسْتَرِدُّوا الْعَارِيَّةَ مَتَى شَاءُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ أَيْضًا فِي الِانْتِهَاءِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ رِضَا بَعْضِ الشُّرَكَاءِ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَطَرَّقَ فِي طَرِيقٍ مُشْتَرَكٍ شَرِكَةً خَاصَّةً فَيَرْضَى بِهِ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ دُونَ الْبَعْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَطَرَّقَ فِيهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ انْتِفَاعُهُ بِنَصِيبِ التَّرَاضِي عَلَى الْخُصُوصِ بَلْ يَكُونُ انْتِفَاعُهُ بِنَصِيبِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَصِيبِ الْمَانِعِ إلَّا بِرِضَاهُ.

، وَسَأَلَتْهُ عَنْ نَهْرٍ خَاصٍّ مِنْ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ بَيْنَ قَوْمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَهْرٌ مِنْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ لَهُ كُوَّتَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ لَهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى أَنَّكُمْ تَأْخُذُونَ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِكُمْ؛ لِأَنَّ دَفْقَةَ الْمَاءِ، وَكَثْرَتَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ دَفْعَةَ الْمَاءِ، وَكَثْرَتَهُ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ فَدَخَلَ فِي كُوَاكُمْ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَلَا مَاءَ هُنَا إلَّا، وَهُوَ قَلِيلٌ غَائِرٌ فَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَنْقُصَكُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَنَجْعَلُ لَكُمْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، وَنَسُدُّ فِيهَا كُوَانَا، وَلَنَا أَيَّامًا مَعْلُومَةً تَسُدُّونَ فِيهَا كُوَاكُمْ قَالَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهَا قُسِّمَتْ مَرَّةً فَلَا يَكُونُ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُطَالِبَ بِقِسْمَةٍ أُخْرَى ثُمَّ الْأَصْلُ إنَّ مَا وُجِدَ قَدِيمًا فَإِنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يُغَيَّرُ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ أَرَأَيْت هَذَا الضَّفِيرَ أَكَانَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَوْ كَانَ جَوْرُ الْمَاءِ تَرَكَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُوَسِّعَ رَأْسَ النَّهْرِ، وَنُزِيدُ فِي كُوَاهُ، وَقَالَ أَهْلُ الْأَعْلَى إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كَثُرَ الْمَاءُ حَتَّى يَفِيضَ فِي أَرْضِنَا، وَيَنِزُّ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْأَسْفَلِ أَنْ يُحْدِثُوا فِيهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِيمَا هُوَ مُشْتَرَكٌ عَلَى، وَجْهٍ يَضُرُّ بِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ كُوَّةً لَهُ فِيهِ كُلُّ يَوْمٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ أَوْ أُجْرَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يُعْرَفُ، وَهُوَ لَيْسَ بِمِلْكٍ، وَبَيْعُ مُجَرَّدِ الْحَقِّ بَاطِلٌ.

وَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا النَّهْرِ إذَا خَافُوا أَنْ يَنْبَثِقَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُحَصِّنُوهُ فَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ الدُّخُولِ مَعَهُمْ قَالَ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَامٌّ أَجْبَرْتُهُمْ جَمِيعًا عَلَى تَحْصِينِهِ بِالْحِصَصِ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْإِجْبَارِ هُنَا تَهْيِيجُ الْفِتْنَةِ، وَتَسْكِينُ الْفِتْنَةِ لَازِمٌ شَرْعًا فَلِأَجْلِ التَّسْكِينِ يُجْبِرُهُمْ الْإِمَامُ عَلَى تَحْصِينِهِ بِالْحِصَصِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>