مَا هُوَ مَحَلٌّ لِلتَّمْلِيكِ بِالْعَقْدِ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يَرْعَى غَنَمَهَا فِي أَرْضِهِ سَنَةً كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى مَالًا مُتَقَوِّمًا فِي نَفْسِهِ أَوْ يَسْتَحِقُّ بِذِكْرِهِ تَسْلِيمَ مَالٍ، وَالْكَلَأُ، وَالشِّرْبُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ فِي النِّكَاحِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِكَلَأٍ فِي أَرْضَهُ سِنِينَ أَوْ، وَهَبَهُ أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ مَالٍ كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الشِّرْبِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُبْقًى عَلَى شَرِكَةِ الْإِبَاحَةِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ.
وَلَوْ أَحْرَقَ كَلَأً أَوْ حَصَائِدَ فِي أَرْضَهُ فَذَهَبَتْ النَّارُ يَمِينًا، وَشِمَالًا، وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا السَّبَبِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُوقِدَ النَّارَ فِي مِلْكِ نَفْسه مُطْلَقًا، وَتَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ هَادِئَةً حِينَ أَوْقَدَ النَّارَ فَأَمَّا إذَا أَوْقَدَ النَّارَ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَلَى، وَجْهٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرِّيحَ يَذْهَبُ بِالنَّارِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَوْقَدَ النَّارَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَنْ صَبَّ فِي مِيزَابٍ مَائِعًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَا تَحْتَ الْمِيزَابِ إنْسَانٌ جَالِسٌ فَأَفْسَدَ ذَلِكَ الْمَائِعُ ثِيَابَهُ كَانَ الَّذِي صَبَّهُ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ صَبَّهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى طَائِفَةً مِنْ الْبَطِيحَةِ مِمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِلْكٌ مِمَّا قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُسَنَّاةَ، وَاسْتَخْرَجَهُ، وَأَحْيَاهُ، وَقَطَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْقَصَبِ رَأَيْتهَا لَهُ بِمَنْزِلَةِ أَرْضِ الْمَيْتَةِ، وَكَذَلِكَ مَا عَالَجَ مِنْ أَجَمَةٍ أَوْ جَزِيرَةٍ فِي بَحْرٍ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِلْكٌ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوَاتِ، وَقَدْ بَيَّنَّا حَدَّ الْمَوَاتِ فَأَعَادَ ذَلِكَ هُنَا، وَذَكَرَ أَنَّ كُلَّ أَرْضٍ مِنْ السَّوَادِ، وَالْجِبَالِ الَّتِي لَا يَبْلُغُهَا الْمَاءُ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيهَا مِلْكٌ فَهُوَ كُلُّهُ مِنْ الْمَوَاتِ، وَمُرَادُهُ مَا كَانَ مِنْ فِنَاءِ الْعُمْرَانِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ السُّكَّانِ فِي الْعُمْرَانِ، وَلَوْ أَحْيَاهُ، وَكَانَ لَهُ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ رَدَدْته إلَى مَالِكِهِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ أَجْعَلْ لِلثَّانِي فِيهِ حَقًّا، وَلَكِنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا قَطَعَ مِنْ قَضْبِهَا؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْغَيْرِ مُحْتَرَمٌ لِحُرْمَةِ الْمَالِكِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ عَلَيْهِ بِالْأَحْيَاءِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَكِنَّهُ أَتْلَفَ مَا قَطَعَ مِنْ قَضْبِهَا، وَكَانَتْ مَمْلُوكَةً لِصَاحِبِهَا فَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي قَدْ زَرَعَهَا فَالزَّرْعُ لَهُ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا نَقَصَ مِنْ الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا.
وَإِنْ احْتَفَرَ الرَّجُلُ بِئْرًا فِي مَفَازَةٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ، وَاحْتَفَرَ فِي حَرِيمِهَا الْمَذْكُورَةِ بِئْرًا كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَسُدَّ مَا احْتَفَرَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ حَرِيمَ الْبِئْرِ صَارَ مَمْلُوكًا لِصَاحِبِ الْبِئْرِ إذَا حَفَرَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي مُتَعَدٍّ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا التَّصَرُّفِ شَيْئًا؛ وَلِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ، وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِسَدِّ مَا احْتَفَرَ، وَهُوَ عِرْقٌ ظَالِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute