كُلُّهُ، وَهُنَا أَقَرَّ بِالْمَالِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ الشَّرِكَةِ لِمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ لَهُ، فَكَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ صَدَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ بِالشَّرِكَةِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، فَلَهُ نِصْفُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ الْمَالِ، وَادَّعَى عَلَيْهِ شَرِكَةَ الْوَارِثِ مَعَهُ، وَهُنَا أَيْضًا أَقَرَّ لِلْغَائِبِ بِنِصْفِ الْمَالِ طَائِعًا، وَادَّعَى عَلَيْهِ شَرِكَةَ الْحَاضِرِ مَعَهُ، فَكَانَ إقْرَارُهُ لِلْغَائِبِ بِنِصْفِ الْمَالِ صَحِيحًا، وَدَعْوَاهُ الشَّرِكَةَ بَاطِلَةٌ.
وَلَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى هِبَةِ جَارِيَتِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ، فَوَهَبَهَا لِعَبْدِ اللَّه، وَزَيْدٍ، وَقَبَضَاهَا بِأَمْرِهِ جَازَتْ فِي حِصَّةِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَهُ نِصْفَ الْجَارِيَةِ طَائِعًا، وَالشُّيُوعُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ، وَبَطَلَتْ فِي حِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بِالْإِكْرَاهِ، ثُمَّ الْهِبَةُ إنْشَاءُ التَّصَرُّفِ، فَبُطْلَانُهُ فِي نَصِيبِ مَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ كَالْوَصِيَّةِ، فَإِنَّ مَنْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ، وَلِأَجْنَبِيٍّ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِي نَصِيبِ الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ بَطَلَتْ الْهِبَةُ كُلُّهَا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ هِبَةُ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ رَجُلَيْنِ إذَا كَانَ طَائِعًا فِي حَقِّهِمَا، فَإِذَا كَانَ مُكْرَهًا فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا كَانَ أَوْلَى، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، فَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بَطَلَتْ فِي نَصِيبِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْأَصْلِ، فَلَوْ صَحَّتْ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ كَانَتْ فِي مُشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ، وَهَبَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ، فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي الثَّانِي، وَاسْتُشْهِدَ لِهَذَا بِمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا، وَهُوَ شَفِيعُهَا مَعَ رَجُلٍ غَائِبٍ فَقَبَضَهَا، وَوَهَبَهَا، وَسَلَّمَهَا، ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ، فَأَخَذَ نِصْفَهَا بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ فِي النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ الْهِبَةُ تَبْطُلُ مِنْ الْأَصْلِ.
، وَكَذَلِكَ لَوْ، وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْ نِصْفِهَا خَمْرًا، فَالْهِبَةُ تَبْطُلُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي لِبُطْلَانِهَا فِي النِّصْفِ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ الْخَمْرُ عِوَضًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ إذَا وَهَبَ دَارِهِ مِنْ إنْسَانٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّ الْهِبَةَ تُنْتَقَضُ فِي الثُّلُثَيْنِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، وَتَبْقَى فِي الثُّلُثِ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي الْكُلِّ صَحِيحَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنَّمَا تُنْتَقَضُ فِي الثُّلُثَيْنِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ، فَكَانَ الشُّيُوعُ فِي الثُّلُثِ طَارِئًا، وَذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْهِبَةَ كَمَا لَوْ وَهَبَ دَارِهِ مِنْ إنْسَانٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِي نِصْفِهَا، وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ، الْمُبْطِلُ لِلْهِبَةِ فِي النِّصْفِ مُقْتَرِنٌ بِالسَّبَبِ، فَبَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ مِنْ الْأَصْلِ، فَالشُّيُوعُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي يَكُونُ مُقَارِنًا لَا طَارِئًا.
وَلَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى هِبَةِ جَارِيَتِهِ لِرَجُلٍ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ، فَوَهَبَ، وَدَفَعَ، فَأَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ جَازَ عِتْقُهُ، وَغَرِمَ الْمُعْتِقُ قِيمَتَهَا، أَمَّا قَوْلُهُ، وَلَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ، فَهُوَ فَصْلٌ مِنْ الْكَلَامِ، فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْهِبَةِ يَكُونُ إكْرَاهًا عَلَى الدَّفْعِ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute