لَا تَتَأَدَّى بِمِثْلِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرِهِ وَنِيَّتِهِ لِتَحْقِيقِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ، وَإِنْ تَطَيَّبَ الْمَحْجُورُ فِي إحْرَامِهِ بِطِيبٍ كَثِيرٍ، أَوْ قَبَّلَ لِلشَّهْوَةِ أَوْ صَنَعَ مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الدَّمُ، أَوْ الطَّعَامُ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّوْمُ، فَهَذَا لَازِمٌ لَهُ يُؤَدَّى إذَا صَارَ مُصْلِحًا وَلَا يُؤَدَّى عَنْهُ فِي حَالِ فَسَادِهِ، وَأَنَّهُ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ، وَلَكِنْ سَبَبُ هَذَا الِالْتِزَامُ مِنْهُ، فَلَا يُؤَدَّى مِنْ مَالِهِ فِي حَالِ فَسَادِهِ بَلْ يَتَأَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا بِمَنْزِلَةِ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَا يَجِدُ شَيْئًا إذَا صَنَعَ ذَلِكَ، أَوْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ جِهَةِ مَوْلَاهُ إذَا، فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَدَّى عَنْهُ الْحَاكِمُ هَذَا فَعَلَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَيَفْنَى مَالُهُ فِيهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ يَتَأَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا، وَإِنْ جَامَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يُمْنَعْ نَفَقَةَ الْمُضِيِّ فِي إحْرَامِهِ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَلَا يُمْنَعُ نَفَقَةَ الْعَوْدِ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ عَلَيْهِ شَرْعًا وَيُمْنَعُ مِنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ وَفِي هَذَا السَّبَبِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى، وَالْعُمْرَةُ فِي هَذَا كَالْحَجِّ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَحُجَّ غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، فَإِذَا خَرَجَتْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ جُومِعَتْ فِي إحْرَامِهَا مُطَاوِعَةً، أَوْ مُكْرَهَةً مَضَتْ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ، وَلَمْ تُمْنَعْ مِنْ الْعَوْدِ لِلْقَضَاءِ مَعَ الْمَحْرَمِ، فَإِذَا كَانَتْ لَا تُمْنَعُ هِيَ لِحَقِّ الزَّوْجِ لَمْ يُمْنَعْ الْمَحْجُورُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا لِأَجْلِ الْحَجْرِ.
وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ قَضَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ إلَّا طَوَافَ الزِّيَارَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، وَلَمْ يَطُفْ طَوَافَ الصَّدْرِ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لَهُ نَفَقَةُ الرُّجُوعِ لِلطَّوَافِ وَيَصْنَعُ فِي الرُّجُوعِ مِثْلَ مَا يَصْنَعُ فِي ابْتِدَاءِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى النِّسَاءِ مَا لَمْ يَطُفْ لِلزِّيَارَةِ، فَالرُّجُوعُ لِلطَّوَافِ مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِلتَّحَلُّلِ، وَلَكِنْ يَأْمُرُ الَّذِي يَلِي النَّفَقَةَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ رَاجِعًا حَتَّى يَحْضُرَهُ، وَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ لِسَفَهِهِ رُبَّمَا يَرْجِعُ وَلَا يَطُوفُ، ثُمَّ يَطْلُبُ النَّفَقَةَ مَرَّةً أُخْرَى، وَهَكَذَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى يَفْنَى مَالُهُ، فَلِلزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ رَاجِعًا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِحَضْرَتِهِ، وَإِنْ طَافَ جُنُبًا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لَمْ يُطْلَقْ لَهُ نَفَقَةُ الرُّجُوعِ لِلطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ لِلطَّوَافِ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَشَاةٌ لِطَوَافِ الصَّدْرِ يُؤَدِّيهِمَا إذَا صَلَحَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُمَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَذَلِكَ السَّبَبُ مِنْ الْغَشَيَانِ يَعْنِي طَوَافَ الزِّيَارَةِ جُنُبًا وَتَرْكَ طَوَافِ الصَّدْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ أَحْصَرَ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلَّذِي أَعْطَى نَفَقَتَهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهَدْيٍ، فَيَحِلَّ بِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّحَلُّلَ بِالْهَدْيِ مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِهِ وَمَالُهُ مُعَدٌّ لِذَلِكَ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْعَبْدَ إذَا حَجَّ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ، فَأُحْصِرَ وَجَبَ عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهَدْيٍ لِيَحِلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute