للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُؤَدِّ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ فِي الْحَالِ أَدَّى أَوْ لَمْ يُؤَدِّ وَلَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا، وَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ فِي الْحَالِ أَيْضًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ فِيهِ إلَّا بِالْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ بِالْفَاءِ دُونَ الْوَاوِ فَإِنَّ الْجَزَاءَ يَتَّصِلُ بِالشَّرْطِ عَلَى أَنْ يَتَعَقَّبَ نُزُولَهُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَحَرْفُ الْفَاءِ لِلْوَصْلِ، وَالتَّعْقِيبِ فَيَتَّصِلُ فِيهِ الْجَزَاءُ بِالشَّرْطِ فَأَمَّا حَرْفُ الْوَاوِ فَلِلْعَطْفِ لَا لِلْوَصْلِ وَعَطْفُ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ لَا يُوجِبُ تَعْلِيقَهُ بِالشَّرْطِ فَكَانَ تَنْجِيزًا، وَأَمَّا جَوَابُ الْأَمْرِ بِحَرْفِ الْوَاوِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ بِمَعْنَى الْحَالِ أَيْ، وَأَنْتَ حُرٌّ فِي حَالِ أَدَائِكَ وَأَمَّا صِفَةُ الْأَمْرِ تَكُونُ بِمَعْنَى التَّعْلِيلِ يَقُولُ الرَّجُلُ أَبْشِرْ فَقَدْ أَتَاكَ الْغَوْثُ يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ أَتَاكَ الْغَوْثُ فَإِذَا قَالَ: أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّكَ حُرٌّ فَلِهَذَا يَتَنَجَّزُ بِهِ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ وَعَلَى هَذَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا قَالَ افْتَحُوا الْبَابَ، وَأَنْتُمْ آمِنُونَ فَمَا لَمْ يَفْتَحُوا لَا يَأْمَنُوا وَلَوْ قَالَ فَأَنْتُمْ آمِنُونَ كَانُوا آمِنِينَ فَتَحُوا أَوْ لَمْ يَفْتَحُوا وَلَوْ قَالَ إذَا فَتَحْتُمْ الْبَابَ فَأَنْتُمْ آمِنُونَ لَا يَأْمَنُونَ مَا لَمْ يَفْتَحُوا، وَلَوْ قَالَ، وَأَنْتُمْ آمِنُونَ كَانُوا آمِنِينَ فِي الْحَالِ.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ اذْهَبْ فَأَجِّرْ نَفْسَكَ مِنْ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا مِنْهُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: اُقْعُدْ قَصَّارًا وَصَبَّاغًا فَإِنَّ هُنَاكَ لَمَّا لَمْ يَعْتِقْ مَنْ يُعَامِلُهُ فَقَدْ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ التِّجَارَةِ وَهَهُنَا عَيَّنَ مَنْ يُؤَاجِرُ الْعَبْدَ نَفْسَهُ مِنْهُ وَلَمْ يُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ فِيهِ وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُ رَسُولًا قَائِمًا مَقَامَ نَفْسِهِ فِي مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلَ الرِّضَا بِتِجَارَتِهِ.

يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَعْقِدَ عَلَى مَنَافِعِهِ هَهُنَا وَمَنَافِعُهُ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا بِتِجَارَتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْدَامِ لَهُ، وَفِي الْأَوَّلِ أَمَرَهُ بِتَقَبُّلِ الْعَمَلِ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ مِنْ نَوْعِ التِّجَارَةِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ إجَارَةَ نَفْسِ الْعَبْدِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا بِتِجَارَتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْدَامِ لَهُ، وَفِي الْأَوَّلِ أَمَرَهُ بِتَقَبُّلِ الْعَمَلِ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ مِنْ نَوْعِ التِّجَارَةِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ إجَارَةَ نَفْسِ الْعَبْدِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يَقْبَلَ الْعَمَلَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا لَوْ أَرْسَلَ عَبْدًا لَهُ يُؤَاجِرُ عَبْدًا لَهُ آخَرَ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا لِوَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ فِي النَّقَّالِينَ أَوْ فِي الْحَنَّاطِينَ أَوْ قَالَ أَجِّرْ نَفْسَكَ فِي النَّقَّالِينَ أَوْ الْحَنَّاطِينَ فَهَذَا مِنْهُ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ ذَلِكَ النَّوْعَ مِنْ التِّجَارَةِ إلَى رَأْيِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَنْ يُعَامِلُهُ بَلْ جَعَلَ تَعْيِينَهُ مَوْكُولًا إلَى رَأْيِهِ وَالنَّقَّالُونَ الَّذِينَ يَنْقُلُونَ الْخَشَبَ مِنْ الشَّطْءِ إلَى الْبُيُوتِ، وَالْحَنَّاطُونَ يَنْقُلُونَ الْحِنْطَةَ مِنْ مَوْضِعِ السَّفِينَةِ إلَى الْبُيُوتِ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ الْعَبِيدُ، وَالْأَقْوِيَاءُ.

وَلَوْ أَرْسَلَ عَبْدَهُ يَشْتَرِي لَهُ ثَوْبًا أَوْ لَحْمًا بِدَرَاهِمَ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ اسْتِحْسَانًا.

وَفِي الْقِيَاسِ: هُوَ إذْنٌ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>