للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ يَعْتَمِدُ التَّوْكِيلَ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْأَمْرِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَالْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَالسُّكُوتُ لَا يَكُونُ أَمْرًا وَلَا إجَازَةً فَلَا يَثْبُتُ بِهِ التَّوْكِيلُ (أَلَا تَرَى) أَنَّ فِيمَا يَبِيعُ مِنْ مَتَاعِ الْمَوْلَى بِأَمْرِهِ إذَا لَحِقَهُ عُهْدَةٌ يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى، وَأَنَّ الضَّرَرَ يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَتَاعِ فِي الْحَالِ؛ فَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِالسُّكُوتِ بِخِلَافِ صَيْرُورَتِهِ مَأْذُونًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَعْتَمِدُ الرِّضَى لَا التَّوْكِيلَ حَتَّى لَا يَرْجِعَ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعُهْدَةِ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى بِمُجَرَّدِ صَيْرُورَتِهِ مَأْذُونًا وَكَذَلِكَ عَبْدٌ دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَبَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَوْلَى، وَالْمَوْلَى يَرَاهُ يَبِيعُ وَلَا يَنْهَاهُ فَهُوَ إذْنٌ مِنْ الْمَوْلَى لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْبَيْعُ فِي الْمَتَاعِ جَائِزٌ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ لَا بِسُكُوتِ الْمَوْلَى عَنْ النَّهْيِ حَتَّى أَنَّ الْمَوْلَى وَإِنْ نَهَاهُ أَوْ لَمْ يَرَهُ أَصْلًا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْمَتَاعِ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ تَأَثُّرَ صَيْرُورَتِهِ مَأْذُونًا فِي هَذَا التَّصَرُّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعُهْدَةَ تَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَوْ نَهَاهُ الْمَوْلَى أَوْ لَمْ يَرَهُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ لَا يَلْزَمُ الْعُهْدَةَ فِي تَصَرُّفِهِ لِغَيْرِهِ وَإِذَا تَعَذَّرَ إيجَابُ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِ تَعَلَّقَتْ الْعُهْدَةُ بِأَقْرَبِ النَّاسِ بَعْدَهُ مِنْ هَذَا التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي انْتَفَعَ بِتَصَرُّفِ الْعَبْدِ لَهُ.

وَإِذَا اغْتَصَبَ الْعَبْدُ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَبَاعَهُ وَمَوْلَاهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِوُجُودِ دَلِيلِ الرِّضَا مِنْهُ بِتَصَرُّفِهِ حِينَ سَكَتَ عَنْ النَّهْيِ وَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْبَيْعُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِأَمْرِ الْمَوْلَى أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ إزَالَةُ الْمِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَتِهِ فَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ مَتَاعًا لَهُ بِخَمْرٍ أَوْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ بِالْخَمْرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْهُ بِتِجَارَتِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً، وَإِنْ فَسَدَ ذَلِكَ الْعَقْدُ لِكَوْنِ الْبَدَلِ فِيهِ خَمْرًا، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذِهِ الْفُصُولَ لِإِزَالَةِ إشْكَالِ الْخَصْمِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ الْعَقْدُ بِسُكُوتِهِ فَكَيْف يَصِيرُ بِهِ مَأْذُونًا فَإِنَّ هَذَا الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا يَنْعَقِدُ بِأَمْرِهِ، وَالْعَقْدُ عَلَى الْمَالِ الْمَغْصُوبِ لَا يَنْعَقِدُ بِأَمْرِ الْمَوْلَى أَيْضًا وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ الْعَبْدُ بِهِ مَأْذُونًا.

وَلَوْ أَرْسَلَ عَبْدَهُ إلَى أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ بِمَالٍ عَظِيمٍ يَشْتَرِي لَهُ الْبَزَّ وَنَهَاهُ عَنْ بَيْعِهِ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ نَوْعًا مِنْ التِّجَارَةِ إلَى رَأْيِهِ وَهُوَ شِرَاءُ الْبَزِّ وَرَضِيَ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ الْوَاجِبِ بِشِرَاءِ الْبَزِّ بِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ.

وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي بِمَالِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ وَمَالُ الْمَوْلَى دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ فَهَذَا إذْنٌ مِنْهُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَمَا اشْتَرَاهُ الْعَبْدُ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الَّذِي أَجَازَهُ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ لَا يُعَيَّنَانِ فِي الْعُقُودِ، وَإِنَّمَا كَانَ شَرَى الْعَبْدَ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقَدْ صَارَ الْمَوْلَى بِسُكُوتِهِ عَنْ النَّهْيِ رَاضِيًا بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ وَلَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>