مَا يَلْزَمُهُ بِالتِّجَارَةِ فَمَا سَعَى فِيهِ مِنْ شَيْءٍ اشْتَرَكُوا فِيهِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُدَبَّرُ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ هَذَا فِي الْقِيمَةَ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ لِلْأَوَّلِينَ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِي إسْنَادِ الْإِقْرَارِ إلَى مَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إثْبَاتَ الْمُزَاحَمَةِ لَهُ مَعَهُمْ بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَاخْتَارَ هَذَا الْغَرِيمُ اتِّبَاعَ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى دَفَعَ إلَى الْغَرِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَارَا ضَمَانَهُ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي دَفَعَ إلَى هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ سُدُسَ الْقِيمَةِ وَهُوَ نِصْفُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الْمَوْلَى مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْأَوَّلَيْنِ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ حَقُّهُمَا فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَأَنَّ عَلَيْهِمَا رَدُّ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي اسْتِرْدَادِ شَيْءٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّ مَا دَفَعَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ مَضْمُونًا فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالتَّاوِي وَمَا بَقِيَ بِزَعْمِهِ بَيْنَ الْآخَرِينَ نِصْفَيْنِ إلَّا أَنَّ الَّذِي اخْتَارَ السِّعَايَةَ يُسَلِّمَ لِلْمَوْلَى حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَدْفَعُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِقْدَارُ نِصْفِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بِزَعْمِهِ، ثُمَّ اتَّبَعَ هَذَا الْغَرِيمُ الْمُدَبَّرَ بِثُلُثِ دَيْنِهِ فَيَسْعَى لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَامُ حَقِّهِ فِي رُبْعِ الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا سَلَّمَ لَهُ سُدُسَ الْقِيمَةِ، وَذَلِكَ ثُلُثَا حَقِّهِ وَلَوْ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي جَمِيعِ دَيْنِهِ فَكَذَلِكَ يَسْتَسْعِيهِ فِي ثُلُثِ دَيْنِهِ حِينَ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ ثُلُثَ نَصِيبِهِ مِنْ الْقِيمَةِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَلَا يُبْطِلُ اخْتِيَارُهُ ضَمَانَ الْمَوْلَى حَقَّ اسْتِسْعَائِهِ فِي هَذَا الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ ضَمَانَ الْمَوْلَى مُعْتَبَرٌ فِيمَا وَصَلَ إلَيْهِ دُونَ مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ، وَالْوَاصِلُ إلَيْهِ ثُلُثَا نَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الِاخْتِيَارُ فِي إبْطَالِ حَقِّهِ فِي السِّعَايَةِ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي.
وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الثُّلُثَيْنِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ غَرِمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ رُبْعَ جَمِيعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى مُقِرٌّ أَنَّ حَقَّهُ فِي رُبْعِ جَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَمَا دَفَعَ إلَى الْأَوَّلَيْنِ زِيَادَةٌ عَلَى حَقِّهِمَا هَهُنَا مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلِهَذَا غَرِمَ لَهُ جَمِيعَ نَصِيبِهِ وَهُوَ رُبْعُ الْقِيمَةِ، ثُمَّ لَا يَبِيعُ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُدَبَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ حَتَّى يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ كَمَالُ حَقِّهِ مِنْ بَدَلِ الرَّقَبَةِ قَالَ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ غُرَمَاءَهُ الثَّلَاثَةَ الْأَوَّلِينَ لَوْ اخْتَارُوا ضَمَانَ الْمَوْلَى فَضَمَّنُوهُ الْقِيمَةَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ بِقَضَاءٍ، ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ عَلَى الْمُدَبَّرِ دَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَصَدَّقَهُ الْمُدَبَّرُ، وَالْمَوْلَى فِي ذَلِكَ فَلَا سَبِيلَ لِهَذَا الْغَرِيمِ عَلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ وَلَا عَلَى الْمَوْلَى وَلَا يُبْطِلُ اخْتِيَارُهُ ضَمَانَ الْمَوْلَى حَقَّهُ فِي سِعَايَةِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِينَ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلدَّافِعِ كَمَالَ حِصَّتِهِ وَهُوَ رُبْعُ الْقِيمَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى دَبَّرَ عَبْدَهُ وَلَكِنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا اتَّبَعُوا الْمَوْلَى بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَقَّهُمْ فِي مَالِيَّتِهِ بِالْإِعْتَاقِ وَضَمَانُ الْإِتْلَافِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ فَإِذَا اتَّبَعُوهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute