مُنَاقِضًا فِي دَعْوَاهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي أَخَذَ بِذَلِكَ وَأَبْطَلَ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ وَبَاعَ وَلَا يُدْرَى أَحُرٌّ هُوَ أَوْ عَبْدٌ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ، وَقَالَ هُوَ عَبْدِي مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْغُرَمَاءُ هُوَ حُرٌّ فَالدَّيْنُ لَازِمٌ لِلْعَبْدِ يُبَاعُ بِهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَجْهُولِ الْحَالِ الْحُرِّيَّةُ وَقَدْ ثَبَتَ لِلْغُرَمَاءِ حَقُّ مُطَالَبَتِهِ بِدُيُونِهِمْ فِي الْحَالِ فَهُوَ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى فَقَدْ زَعَمَا أَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مُتَأَخِّرٌ إلَى مَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَجَلًا فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الرِّقِّ بِإِقْرَارِهِ أَنْ تَتَأَخَّرَ دُيُونُهُمْ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِالدِّينِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَوْ الْمَحْجُورِ فِي دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ فَهُوَ نَظِيرُ مَجْهُولَةِ الْحَالِ إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَإِذَا بَقِيَ مُطَالَبًا فِي الْحَالِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ رَقِيقٌ بِيعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ وُجُوبُ هَذَا الدَّيْنِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَالدَّيْنُ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا شَاغِلًا مَالِيَّةَ رَقَبَتِهِ وَلَوْ جَنَى عَبْدُهُ جِنَايَة بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَصَدَّقَهُ فُلَانٌ بِذَلِكَ، وَقَالَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَلْ هُوَ حُرٌّ فَهُوَ عَبْدٌ لِفُلَانٍ وَلَا حَقَّ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ حَقَّهُمْ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَعْرِفُ لَهُ عَاقِلَةً، ثُمَّ بَيْنَ ثُبُوتِ الرِّقِّ بِإِقْرَارِهِ وَوُجُوبِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُنَافَاةً وَبَيْنَ حُرِّيَّتِهِ كَمَا زَعَمُوا وَاسْتِحْقَاقِ رَقَبَتِهِ بِالْجِنَايَةِ مُنَافَاةٌ، وَالْمُتَنَافِيَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ.
وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الْحَقِّ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ لَا مَحَالَةَ فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى أَخْذِ - الرَّقَبَةِ سَبِيلٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَالدَّيْنُ هُنَاكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا إلَّا أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ رِقُّهُ يَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْ مَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ وَقَدْ ثَبَتَ رِقُّهُ بِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ غُرَمَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ قَدْ أَعْتَقْتُهُ، وَقَالَ الْمَوْلَى: لَمْ أُعْتِقْهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يَدَّعُونَ الْعِتْقَ، وَالضَّمَانُ عَلَى الْمَوْلَى، وَالْمَوْلَى مُنْكِرٌ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ عِتْقُهُ بَقِيَ مُسْتَحَقَّ الْبَيْعِ فِي الدَّيْنِ كَمَا كَانَ وَلَوْ كَانَ جَنَى جِنَايَةً فَقَالَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ لِلْمَوْلَى: قَدْ أَعْتَقْتَهُ، وَقَالَ الْمَوْلَى: لَمْ أُعْتِقْهُ فَالْعَبْدُ عَبْدُ الْمَوْلَى عَلَى حَالِهِ لِإِنْكَارِهِ الْعِتْقَ وَلَا شَيْءَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ حَقٌّ قِبَلَ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ قِبَلَ الْمَوْلَى وَهُوَ الْفِدَاءُ إذَا كَانَ عَالِمًا، وَالْقِيمَةُ بِالِاسْتِهْلَاكِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا وَلَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْعِتْقِ وَسَقَطَ حَقُّهُمْ عَنْ الْعَبْدِ لِإِقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي رَقَبَتِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَهُنَاكَ مَا أَقَرُّوا بِسُقُوطِ حَقِّهِمْ عَنْ ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِالْعِتْقِ (أَلَا تَرَى) أَنَّ مَا ادَّعَوْا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute