خَاصَّةً فَضَمَانُ الْغَصْبِ يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَخَذَ بِالْمَالِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَى مِنْ الْأَجَلِ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ تَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ فَكَأَنَّهُ ادَّعَى الْأَجَلَ إلَى شَهْرٍ فِي دَيْنٍ أَقَرَّ بِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ فِي الْقَرْضِ، الْوَدِيعَةِ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ كَمَا فِي الْغَصْبِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَدِيعَةِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، وَالْمَعْتُوهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ وَقَدْ أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيُقِرُّ بِنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ صَحِيحٌ وَإِقْرَارُهُمَا بَعْدَ الْإِذْنِ نَافِذٌ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ وَكَمَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ عَنْ عَقْلٍ إلَّا أَنَّهُمَا لَا يُؤَاخَذَانِ بِالْقَرْضِ، الْوَدِيعَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ إذَا صَدَّقَهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ بَعْد الْكِبَرِ، وَالْإِفَاقَةِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِإِقْرَارِهِمَا كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَقَدْ طَعَنَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ فَقَالَ: هَذَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ صَحِيحٌ، وَهُوَ خَطَأٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ إذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: غَصَبْتُكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَنَا حَرْبِيٌّ فَاسْتَهْلَكْتهَا، وَقَالَ الرَّجُلُ: غَصَبْتَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَرْبِيِّ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمَوْلَى لِمُعْتَقِهِ: أَخَذْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حَالِ مَا كُنْتَ عَبْدِي فَاسْتَهْلَكْتُهَا، وَقَالَ الْعَبْدُ: بَلْ أَخَذْتَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَصْلًا بِإِضَافَتِهِ الْإِقْرَارَ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي أَضَافَ إلَيْهَا فَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، وَالْمَعْتُوهُ فَإِنَّهُمَا يُنْكِرَانِ وُجُوبَ الْمَالِ عَلَيْهِمَا أَصْلًا بِالْإِضَافَةِ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْمَالُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْإِضَافَةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ الْأَصَحُّ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذِهِ الْفُصُولِ فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَرْبِيِّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ حَالَ كَوْنِهِ حَرْبِيًّا، وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْلَى لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ فِي حَالِ قِيَامِ رِقِّهِ، وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا ذَلِكَ فَإِنَّمَا أَقَرَّ بِمَالٍ لَوْ عَلِمَ صِدْقَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ رَدُّهُ قَبْلَ تَبَدُّلِ الْحَالِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ مُلْزِمًا شَيْئًا، وَالصَّبِيُّ أَقَرَّ بِمَا كَانَ يَجِبُ رَدُّهُ لَوْ كَانَ مَعْلُومًا حَالَ قِيَامِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَا اسْتَقْرَضَهُ الصَّبِيُّ أَوْ أَخَذَهُ وَدِيعَةً يَجِبُ رَدُّهُ مَا دَامَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَلَا يَخْرُجُ إقْرَارُهُ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا فِي الْأَصْلِ فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْإِضَافَةِ كَمَا فِي فَصْلِ الْعَبْدِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ وَأَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ بَعْدَ مَا أَذِنَ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرُّ لَهُ؛ لِأَنَّ فِي بَيِّنَتِهِ إلْزَامَ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَاتِ لِذَلِكَ شُرِعَتْ وَلِأَنَّهُ أَثْبَتَ بَقَاءَ الْعَيْنِ فِي يَدِهِمَا بَعْدَ مَا أَذِنَ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ وَذَلِكَ يَدْفَعُ بَيِّنَتُهُمَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ فَلِهَذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتَهُ.
وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute