ذَلِكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ كَانَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً وَقَدْ أَخَذَهَا الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ رِضَا الْعَبْدِ وَتَسْلِيطِهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ الْوَدِيعَةَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْمُودَعِ، وَالْبِضَاعَةُ، وَالْمُضَارَبَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَلَوْ كَانَ غَصْبًا أَخَذَ بِهِ إذَا عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ أَوْ مُضَارَبَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَخَذَهَا صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنْ حَقِّهِ، ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ كَانَتْ الْأَلْفُ دَيْنًا عَلَيْهِ يُؤَاخَذُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ يُجْعَلُ كَأَنَّمَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَضَى - بِعَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ إقْرَارِهِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي يَدِهِ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ صَارَ الْمُقَرُّ بِهِ مُسْتَحَقًّا لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّيْنِ فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ لِغَيْرِهِ لِإِبْطَالِ اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ بَاطِلٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ مِثْلَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ لِإِنْسَانٍ آخَرَ فَإِذَا صَرَفَ الْمَالَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّيْنِ، ثُمَّ عَتَقَ اتَّبَعَهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى الْوَدِيعَةِ دَيْنًا عَلَيْهِ بِزَعْمِهِ وَاسْتَفَادَ بِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ فَيَتْبَعُهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِمِثْلِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُهُ الْمَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَا قَضَى بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ إنَّمَا أَزَالَ الْمَوْلَى يَدَهُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّهِ كَالْهَلَكِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ أَوَّلًا الْوَدِيعَةِ كَانَتْ الْأَلْفُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَيَتْبَعُهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إقْرَارُهُ الْوَدِيعَةِ بَاطِلٌ، وَالْأَلْفُ يَأْخُذُهُ الْمَوْلَى وَلَا يَتْبَعُهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ إذَا عَتَقَ فَأَمَّا الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ فَيَبِيعُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ صَحِيحٌ.
وَلَوْ أَقَرَّ إقْرَارًا مُتَّصِلًا فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ أَحَدَ الْكَلَامَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَفِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَايِرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ فَيَتَوَقَّفُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ الْوَدِيعَةِ مُتَّصِلًا بِالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ قَدَّمَ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ قَدْ صَارَ كَالْمُسْتَهْلِكِ لِلْوَدِيعَةِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَدَيْنٌ فِي كَلَامِهِ مَوْصُولٌ فَيَكُونُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِذَا عَتَقَ أَخَذَاهُ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا وَلَوْ بَدَأَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ الْمُتَّصِلِ الْوَدِيعَةِ كَانَتْ الْأَلْفُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ الْعَيْنَ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ، وَالدَّيْنُ بَعْدَ ذَلِكَ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يَسْتَحِقُّ بِهِ كَسْبَهُ.
وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ لَمْ يَكُنْ كَسْبًا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute