ذَلِكَ إلَّا بِاعْتِبَارِ تَسْلِيطٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَإِنْ قَتَلَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى أَوْ الْجَارِيَةَ كَانَ مَوْلَاهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ بَاعَ الْعَبْدَ فِي رَقَبَتِهِمَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا فَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ أَوْ يَفْدِيهِ لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبَانِ مُوجِبَانِ لِلضَّمَانِ أَحَدُهُمَا الْقَبْضُ وَالْآخَرُ الْقَتْلُ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَضْمَنَهُ بِأَيِّ السَّبَبَيْنِ شَاءَ فَإِنْ اخْتَارَ التَّضْمِينَ بِالْقَبْضِ صَارَ الْعَبْدُ كَالْهَالِكِ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ صُنْعٍ فَيُبَاعُ فِي قِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى عَنْهُ وَإِنْ اخْتَارَ التَّضْمِينَ بِالْجِنَايَةِ أُمِرَ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَقَتَلَهُ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ مِنْ مَالِهِ حَالًّا بِالْغَصْبِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُوجِبًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ بِاعْتِبَارِ قَتْلِهِ إيَّاهُ خَطَأً.
وَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ فَبَاعَهُ وَرَبِحَ فِيهِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَبَاعَ حَتَّى صَارَ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ حَضَرَ الْبَائِعُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ مِلْكُ مَوْلَاهُ وَدَيْنُ الْبَائِعِ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي حَقِّ الْمَوْلَى.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى مِنْ مَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ فَكَذَلِكَ فِي الْكَسْبِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْمَالَ فِي يَدِهِ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي يَدِهِ قَائِمًا بِعَيْنِهِ كَانَ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِاسْتِرْدَادِهِ فَكَذَلِكَ بَدَلُهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْفَى الثَّمَنَ مِمَّا فِي يَدِهِ فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمَوْلَى إذَا عَلِمَ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَلْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ يُسَلَّمُ لِلْمَوْلَى وَالْعَبْدُ لَا يَلْحَقُهُ الْحَجْرُ عَمَّا يَتَمَحَّضُ مَنْفَعَةً لِلْمَوْلَى.
وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ أَجَّرَ الْمَحْجُورُ نَفْسَهُ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَمَلِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدِهِ الَّذِي بَاعَهُ فَذَلِكَ الْمَالُ لِلْمَوْلَى وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبَائِعِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ بَدَلٌ عَمَّا كَانَ هُوَ أَحَقَّ بِهِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلِلْمَوْلَى فِيهِ سَبَبُ اسْتِحْقَاقٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ أَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ الْمَحْجُورِ فِي تَقْدِيمِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ مَعَ الِاحْتِمَالِ إضْرَارٌ بِالْمَوْلَى وَتَصَرُّفُ الْمَحْجُورِ فِيمَا يُلْحِقُ الضَّرَرَ بِالْمَوْلَى لَا يَكُونُ نَافِذًا وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى هَذَا الْمَالُ ذَهَبَ لِعَبْدِي أَوْ أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ عَبْدُك الَّذِي بِعْت وَقَالَ الْبَائِعُ أَصَابَهُ مِنْ ثَمَنِ عَبْدِي وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ لِهَذَا الْمَالِ وَالْمَوْلَى مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَتَصْدِيقُ الْعَبْدِ لَا يَنْفَعُ الْبَائِعَ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ لَا قَوْلَ لَهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِسَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ شِرَاءِ الْعَبْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute