أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ الثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى يَأْخُذُ جَمِيعَ دَيْنِهِ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لَلثَّالِثَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ دُونَ حَقِّ الثَّانِي وَحَقُّ غَرِيمِ الْعَبْدِ ثَابِتٌ بَعْدَ إقْرَارِ الْمَوْلَى لِبَقَاءِ الْإِذْنِ فَإِنْ تَوَى مِنْ الثَّمَنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَرَجَتْ أَلْفَانِ كَانَتَا بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَاَلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ دَيْنِ الْأَوَّلِ ثَابِتٌ وَجَمِيعَ دَيْنِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ ثَابِتٌ وَالثَّابِتُ، لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي مِقْدَارُ خَمْسِمِائَةٍ؛ فَإِنَّ الْفَارِغَ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّقَبَةِ يَوْمئِذٍ كَانَ هَذَا الْقَدْرُ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْخَارِجِ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الثَّابِتِ مِنْ دَيْنِهِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا سَوَاءٌ كَانَ الْخَارِجُ أَلْفَيْنِ أَوْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ لِلْأَوَّلِ خُمُسَاهُ وَلِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ خُمُسَاهُ وَلِلثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى خُمُسُهُ.
وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى وَبَاعَ حَتَّى صَارَ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ فَالْأَلْفُ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيْنَ الْغَرِيمَيْنِ نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ يُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ كَمَا يُقْضَى مِنْ بَدَلِ رَقَبَتِهِ وَبِاعْتِبَارِهِمَا جَمِيعًا إقْرَارُ الْمَوْلَى صَادَفَ مَحَلًّا فَارِغًا فِي جَمِيعِ مَا أَقَرَّ بِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَصَلَ الْإِقْرَارَانِ مِنْ الْعَبْدِ فَيُقَسَّمُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ عَلَيْهِ بِأَلْفَيْنِ مَعًا قُسِّمَ ثَمَنُ الْعَبْدِ وَمَالُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِقَدْرِ الْفَارِغِ مِنْ مَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ، وَذَلِكَ مِقْدَارُ أَلْفٍ؛ فَلِهَذَا قُسِّمَ الثَّمَنُ وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ، ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ لَمْ يَضْرِبْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ وَكَسْبِهِ مَعَ غَرِيمَيْهِ إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَاضِلَ حِينَ أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى مِقْدَارُ خَمْسِمِائَةٍ فَيَثْبُتُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمَوْلَى وَجَمِيعُ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْ الْعَبْدِ ثَابِتٌ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ الْمَوْلَى قَبْلَ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ وَمَالُهُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا سَهْمَانِ مِنْ ذَلِكَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْ الْعَبْدِ سَهْمٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى حِينَ أَقَرَّ عَلَيْهِ كَانَ الْعَبْدُ فَارِغًا عَنْ كُلِّ دَيْنٍ فَثَبَتَ جَمِيعُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَوْلَى فِي حَالِ رَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَيَضْرِبُ فِي الثَّمَنِ وَالْكَسْبِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْمَوْلَى فِي جَمِيعِ دَيْنِهِ؛ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ أَرْبَاعًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ إقْرَارُ الْمَوْلَى وُجِدَ بَعْدَ اشْتِغَالِ الْعَبْدِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَثْبُتُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ إلَّا بِقَدْرِ الْفَاضِلِ مِنْ مَالِيَّتِهِ عَلَى دَيْنِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْفَاضِلِ فَارِغٌ مِنْ دَيْنِ الْعَبْدِ فَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute