للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَقَطَ دَيْنُهُ وَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ إذْن فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إذَا نَقَضَ الْآخَرُ الْهِبَةَ عَادَ الدَّيْنُ كُلُّهُ إلَى الْعَبْدِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ.

وَلَوْ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَأَبْطَلَ الْآخِرُ الْبَيْعَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ بِيعَ لَهُمَا فَاقْتَسَمَا ثَمَنَهُ وَلَمْ يَبْطُلْ مِنْ دَيْنِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ؛ لِأَنَّ بِالْبَيْعِ تَحَوَّلَ حَقُّهُ إلَى الثَّمَنِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ لَا يَسْقُطُ بِهِ دَيْنُهُ وَلَكِنْ يَتَحَوَّلُ إلَى الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ؛ فَلِهَذَا يُبَاعُ الْعَبْدُ هَهُنَا فِي دَيْنِهِمَا بَعْدَ نَقْضِ الْبَيْعِ.

وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَالثَّمَنُ لِلْمَوْلَى وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَحُلَّ الدَّيْنُ فَيَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْغَرِيمِ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَحُلُّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِالْبَيْعِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ لِلْغَرِيمِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الْبَيْعِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ إذَا كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي بَاشَرَهُ حَتَّى يُحَوِّلَ بِهِ الدَّيْنَ إلَى الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ لَا يَكُونُ جَانِيًا فِي حَقِّهِ ضَامِنًا لَهُ شَيْئًا فَإِنْ تَوِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ جَانِيًا فِي حَقِّ الْغَرِيمِ فَهَلَاكُ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ كَهَلَاكِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبَيْعِ.

وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِآخَرَ مِثْلُ دَيْنِ الْمُشْتَرِي فَحَلَّ ضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ جَانٍ بِتَفْوِيتِ مَحَلِّ حَقِّهِ بِالْبَيْعِ فَيَضْمَنُ لَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ ثُمَّ يُسَلِّمُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُشَارِكُهُ الْمُشْتَرِي فِيهِ كَانَ شَرِيكًا فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ جِنَايَتِهِ وَهُوَ غَيْرُ جَانٍ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي حِينَ سَاعَدَهُ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ فِي قِيمَتِهِ، وَلَوْ شَارَكَ الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الْقِيمَةِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَلَكِنْ يَأْخُذُهُ الْمَوْلَى مِنْهُ، ثُمَّ يَأْتِي الشَّرِيكُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْلَى فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إثْبَاتِ الْمُشَارَكَةِ لَهُ فِي الْمَقْبُوضِ.

وَلَوْ أَمَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ فَكَفَلَ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ الْغَرِيمَ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَدْفَعْ الْمَالَ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَالْعَبْدُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَكَفَالَةِ الْحُرِّ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ أَوْ بِأَقَلَّ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ فَيَصْنَعُ بِهِ مَا بَدَا لَهُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ دَيْنِ الْكَفَالَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّرْطِ فَلَا يَكُونُ ثَابِتًا قَبْلَهُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَالَ كَانَ لِلَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ الْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ قَضَاءً مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَثْبُتُ الْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ مُضَافًا إلَى سَبَبِهِ وَيَكُونُ هَذَا فِي مَعْنَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيَتَحَوَّلُ إلَى الثَّمَنِ بِبَيْعِهِ إيَّاهُ مِنْ الطَّالِبِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ هَلَكَ مِنْ الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>