بَلْ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ وَهُوَ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِيهِ وَإِقْرَارُ الْوَكِيلِ عِنْدَ الْقَاضِي كَإِقْرَارِ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ الشَّرِيكُ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ فَهَذَا كَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ وَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ قَبَضَ مَا قَالَ الْوَكِيلُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا كَانَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ مَعَ الشَّرِيكِ لَا مَعَ الْغُرَمَاءِ فَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ لَا يَكُونُ نَافِذًا عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لِضَرُورَةِ أَنَّهُ مِنْ جَوَابِ الْخَصْمِ، وَذَلِكَ فِي حَقِّ خَصْمِهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ فَلِهَذَا كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْوَكِيلُ هُوَ الْمَوْلَى فَيُصَدِّقُ عَلَى عَبْدِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَوَازَ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ الْآنَ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ جَوَابُ الْخَصْمِ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي ذَلِكَ الْغَرِيمُ وَالْخَصْمُ سَوَاءٌ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ قَبْلَ التَّوْكِيلِ لَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَازَ إقْرَارُهُ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَصِحَّةُ إقْرَارِهِ بِاعْتِبَارِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ كَمَا بَيَّنَّا ثُمَّ الْغَرِيمُ قَدْ بَرِئَ مِنْ نِصْفِ حَقِّ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ بِنِصْفِ حَقِّهِ عَلَى الْغَرِيمِ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَمَا أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ شَيْءٍ اقْتَسَمَاهُ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا عَلَى الْغَرِيمِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَلْفٌ فَادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَوْلَى الْعَبْدِ بِذَلِكَ فَالتَّوْكِيلُ بَاطِلٌ وَإِقْرَارُ الْمَوْلَى بِهِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ فِي إقْرَارِهِ مَنْفَعَةَ الْمَوْلَى وَهُوَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ عَبْدِهِ عَنْ نَصِيبِهِ وَسَلَامَةُ مَالِيَّتِهِ لِلْمَوْلَى بِذَلِكَ الْقَدْرِ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ الْآخَرُ فَادَّعَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَوْلَى عَلَى شَرِيكِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِنِصْفِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمَوْلَى بِهِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ غَرِيمًا لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمَوْلَى فِي هَذَا الْإِقْرَارِ أَظْهَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ مُوَكِّلُهُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ فِي مَالِيَّةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَكَّلَ صَاحِبَهُ بِخُصُومَةِ الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ فَادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْ الْعَبْدِ حِصَّتَهُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ وَيَبْطُلُ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ، ثُمَّ مَا أَخَذَ الشَّرِيكُ الْوَكِيلُ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ أَخَذَ صَاحِبُهُ مِنْهُ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ إقْرَارِهِ فِي بَرَاءَةِ الْغَرِيمِ لَا فِي سَلَامَةِ الْبَاقِي لَهُ إذْ هُوَ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ غَرِيمًا لِلْعَبْدِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ شَرِكَةٌ فِي الْمَالِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِيمَا فِيهِ الْمَنْفَعَةِ لَهُ وَهُوَ دَفْعُ مُزَاحَمَةِ الْمُوَكِّلِ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَالِيَّةِ الْعَبْدِ.
وَإِذَا وَجَبَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى عَبْدٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute