للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغُلَامِ أَخَذَ الْمَأْذُونُ جَارِيَتَهُ وَنُقْصَانَهَا؛ لِأَنَّ بِمَوْتِ الْغُلَامِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الْبَيْعُ فَبَقِيَتْ الْجَارِيَةُ مَقْبُوضَةً بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ فِي الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا مِنْ الْأَصْلِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ ضَعِيفٌ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ الضَّمَانُ بِهِ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ وَالْأَوْصَافِ تَفَرَّدَ بِالْقَبْضِ وَالتَّنَاوُلِ فَتَفَرَّدَ بِضَمَانِ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْمَغْصُوبَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَضَمَانُ الْمَقْبُوضِ بِمَا يُقَابِلُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ دُونَ الْقَبْضِ وَالْأَوْصَافِ لَا تُفْرَدُ بِالْعَقْدِ فَلَا تُفْرَدُ بِضَمَانِهِ فَإِنْ كَانَ حَدَثَ بِهَا عَيْبَانِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ هَلَاكِ الْغُلَامِ وَالْآخَرُ بَعْدَ هَلَاكِهِ، فَإِنْ شَاءَ الْمَأْذُونُ أَخَذَهَا وَنُقْصَانَ عَيْبِهَا الْآخَرَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ دَفْعِهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ فِي نُقْصَانِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَنَيْنِ كَأَنَّهُ لَا عَيْبَ سِوَاهُ.

وَلَوْ لَمْ يَحْدُثْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهَا أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، ثُمَّ هَلَكَ الْغُلَامُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْذُونِ إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ دَفْعِهَا؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِيهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ عُقْرٍ أَوْ أَرْشٍ أَوْ وَلَدٍ، وَذَلِكَ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَمُنِعَ فَسْخُ الْعَقْدِ فِيهَا لِمَعْنَى الرِّبَا حَقٌّ لِلشَّرْعِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْبُيُوعِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِرِضَا الْغَيْرِ وَيَكُونُ حَقُّهُ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهَا مَعَ بَقَاءِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ فَيَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ دَفْعِهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْغُلَامِ أَخَذَ الْمَأْذُونُ جَارِيَتَهُ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِ الْغُلَامِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَكَانَتْ كَالْمَقْبُوضَةِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبَةِ فِي أَنَّهَا تُرَدُّ بِزَوَائِدِهَا الْمُنْفَصِلَةِ وَالْمُتَّصِلَةِ وَفِي أَرْشِ الْعَيْنِ وَالْيَدِ يَتَخَيَّرُ الْعَبْدُ إنْ شَاءَ أَخَذَ بِهِ الْمُشْتَرِي لِفَوَاتِ ذَلِكَ الْجُزْءِ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ بِهِ الْجَانِي وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْبُيُوعِ هَذَا التَّفْرِيعَ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَ فَاسِدًا مِنْ الْأَصْلِ فَهُوَ أَيْضًا فِيمَا إذَا فَسَدَ الْعَقْدُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَلَدَتْ، ثُمَّ هَلَكَ الْغُلَامُ فَلَمْ يُقْضَ لَهُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ حَتَّى هَلَكَ الْوَلَدُ فَيَقُولُ الْوَلَدُ حِينَ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ نُقْصَانُ الْوِلَادَةِ فِي الْجَارِيَةِ فَيُجْعَلُ كَمَا لَوْ انْتَقَصَتْ بِعَيْبٍ حَادِثٍ فِيهَا مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ قَبْلَ هَلَاكِ الْغُلَامِ فَيَتَخَيَّرُ الْمَأْذُونُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهَا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا يَوْمَ دَفْعِهَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الْجَارِيَةِ دَابَّةً لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ خِيَارٌ إذَا هَلَكَ الْوَلَدُ وَأَخَذَ الْأُمَّ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ نُقْصَانٌ فِي بَنِي آدَمَ دُونَ الدَّوَابِّ وَالْوَلَدُ إذَا هَلَكَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ لِلْغُلَامِ أَنْ يَأْخُذَ الْأُمَّ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَادِرٌ عَلَى رَدِّهَا كَمَا قَبَضَ فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَلَا يَرُدُّ الْجَارِيَةَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْوَلَدِ وَالْعِتْقُ مِنْهُ لِلْمِلْكِ وَالنَّهْيُ يَكُونُ مُتَقَرِّرًا؛ وَلِهَذَا يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>