الْأَجَلَ بَقِيَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ شَارَكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ إنْ شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَنْقَضِ الْأَجَلُ وَلَكِنَّ الْغَرِيمَ مَاتَ فَحَلَّ عَلَيْهِ شَارَكَ الْعَبْدُ شَرِيكَهُ فِيمَا قَبَضَ؛ لِأَنَّ انْتِقَاضَ الْأَجَلِ بِالْمَوْتِ ثَابِتٌ حُكْمًا فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ مُطَالَبَةِ الْغَرِيمِ وَحَقِّ مُشَارَكَةِ الْقَابِضِ فِي الْمَقْبُوضِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ كَانَ عَنْ قَصْدٍ مِنْ الْغَرِيمِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكَفِيلِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ إذَا مَاتَ بَقِيَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْأَجَلَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتٌ مَقْصُودٌ وَالْغَرِيمُ بِالْمَوْتِ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الْأَجَلِ وَالْكَفِيلُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَبَقِيَ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ، فَأَمَّا هَاهُنَا فَالْأَجَلُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ خَاصَّةً، فَأَمَّا مُشَارَكَةُ الْقَابِضِ فِي الْمَقْبُوضِ فَلَا أَجَلَ فِيهِ مَقْصُودًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ - عَيْنٌ وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ الْأَجَلَ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الْمَانِعِ فِي حَقِّ الَّذِي أَجَّلَهُ وَلَمْ يَبْقَ الْمَانِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْغَرِيمِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَأَمَّا بَعْدَ إسْقَاطِ الْأَجَلِ مِنْ الْغَرِيمِ قَصْدًا فَالْمَانِعُ كَالْقَائِمِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ حُكْمًا فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَقَعُ الْفَرْقُ.
وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّهُمَا تَنَاقَضَا الْأَجَلَ، ثُمَّ قَبَضَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُشَارِكَهُ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَ تَنَاقَضَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْأَجَلِ حَقٌّ سِوَى الْغَرِيمِ فَصَحَّتْ مُنَاقَضَتُهُ مُطْلَقًا فَصَارَ الدَّيْنُ حَالًّا فَإِذَا قَبَضَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ حِينَ تَنَاقَضَا كَانَ حَقُّ الشَّرِيكِ ثَابِتًا فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ مِنْ حَيْثُ تَأَخُّرُ رُجُوعِ الشَّرِيكِ عَلَيْهِ فِي الْمَقْبُوضِ فَلَا يَعْمَلُ انْقِضَاضُهُ فِي حَقِّهِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ هُنَاكَ حِينَ قَبَضَ مَعَ قِيَامِ الْأَجَلِ لَمْ يَثْبُتْ لِلشَّرِيكِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمَقْبُوضِ إلَّا بَعْدَ حَلِّ الْأَجَلِ فَلَوْ ثَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِتَصَرُّفِ الْغَرِيمِ وَتَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا وَهَا هُنَا حِينَ قَبَضَ بَعْدَ مُنَاقَضَةِ الْأَجَلِ حَقُّ الشَّرِيكِ ثَابِتٌ فِي الْمُشَارَكَةِ وَمُنَاقَضَةُ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ تَصَرُّفًا مِنْهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَكَانَ صَحِيحًا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَقَبَضَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَخَّرَ الْغَرِيمُ حَقَّهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَبْضِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَتَأْخِيرُهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ نَصِيبِهِ مُؤَجَّلًا مَانِعٌ لَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الْمَقْبُوضِ قَبْلَ حَلِّ الْأَجَلِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَانِعُ قَائِمًا عِنْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ هَذَا الْمَانِعُ بِالتَّأْجِيلِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ نَصِيبَهُ فِي حِصَّةِ الْغَرِيمِ عَلَى حَالِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ لِلْقَابِضِ مَا قَبَضَ وَاخْتَارَ اتِّبَاعَ الْغَرِيمِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِذَا صَحَّ تَأْجِيلُهُ فِي نَصِيبِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِي الْمَقْبُوضِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَلَّ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ إنْ شَاءَ فَإِنْ قِيلَ لِمَاذَا لَمْ يُجْعَلْ تَصَرُّفُهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْ حَيْثُ التَّأْجِيلُ مُسْقِطًا حَقَّهُ فِي مُشَارَكَةِ الْقَابِضِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ تَأْجِيلِهِ فِي نَصِيبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute