أَخَذَ نُقْصَانَهَا مِنْ الثَّمَنِ إذَا اخْتَارَ الْبَائِعُ أَخْذَهَا، وَإِنْ كَانَ افْتَضَّهَا لَمْ يُنْظَرْ إلَى عُقْرِهَا، وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ مِنْ قِيمَتِهَا فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةُ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُنْظَرُ إلَى الْأَكْثَرِ مِنْ عُقْرِهَا وَمِمَّا نَقَصَ الْوَطْءُ مِنْ قِيمَتِهَا فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةُ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ شَيْئًا أَخَذَهَا الْبَائِعُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْوَطْءِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا، وَعَلَى عُقْرِهَا فَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ، وَحِصَّةَ الْعُقْرِ مِنْ ثَمَنِهَا.
وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَائِعِ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ فَحَالُ الْمُشْتَرِي هَهُنَا بَعْدَ الْفَسْخِ كَحَالِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الرَّدِّ كَانَ هَلَاكُهَا عَلَى مِلْكِهِ كَمَا فِي الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَسْتَوِي تَخْرِيجُ الْفَصْلَيْنِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ وَلَدًا فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ، وَهُمَا حَيَّانِ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَالْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ، وَلَوْ لَمْ تَلِدْ، وَلَكِنَّهَا قَدْ ازْدَادَتْ فِي يَدِهِ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِزِيَادَتِهَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا مُعْتَبَرَ بِهَا فِي الْبَيْعِ، وَلَا يُمْنَعُ الْفَسْخُ؛ لِأَجْلِهَا كَمَا فِي الْفَسْخِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ هُنَا كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا بَيَّنَّا مِنْ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْفَسْخِ بِسَبَبِ التَّحَالُفِ، وَفِي الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ، وَنَقَّصَتْهَا الْوِلَادَةُ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ لِلنُّقْصَانِ الْحَادِثِ فِيهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ تَعَيَّبَتْ بِعَيْبٍ آخَرَ.
وَهَذَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا تَمْنَعُ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا، وَتَأْثِيرُ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ فِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لَا فِي تَعَذُّرِ الرَّدِّ بِهِ، وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ تَلِدْ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ، وَإِنْ انْفَسَخَ فَقَدْ تَعَيَّبَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا هَلَكَتْ بَطَلَ ذَلِكَ الْفَسْخُ كَمَا إذَا هَلَكَتْ الْمَبِيعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَاتَتْ وَبَقِيَ وَلَدُهَا فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ الْوَلَدَ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْوَلَدَ وَرَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ الْأُمِّ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمَّا صَارَ مَقْصُودًا بِالِاسْتِرْدَادِ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعَةِ إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ فَكَمَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ هُنَا.
وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ بِعَرْضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِ الْبَائِعُ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنْ حَدَثَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ وَطِئَهَا، وَهِيَ بِكْرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute