الطَّعَامِ وَقْتَ الِاشْتِهَاءِ وَالثَّانِي بِالْقِيَامِ وَقْتَ حُبِّهَا الْمَنَامَ وَمِنْ الْمُجَاهَدَةِ حِفْظُ اللِّسَانِ وَتَعْظِيمُ مَا عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا بَدَأَ بِهِ الْكِتَابَ وَذَكَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ جَاءَ رَمَضَانُ وَذَهَبَ رَمَضَانُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَذَهَبَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ فِي هَذَا إلَى مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَقُولُوا جَاءَ رَمَضَانُ وَذَهَبَ رَمَضَانُ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى» وَفِي رِوَايَةٍ «وَلَكِنْ عَظِّمُوهُ كَمَا عَظَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى» وَاخْتَارَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَوْلَ مُجَاهِدٍ فِي هَذَا فَقَالَ: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يُبِنْ مَذْهَبَ نَفْسِهِ، وَلَا رَوَى خَبَرًا بِخِلَافِ قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَقَالُوا: فِي بَيَانِ الْمَعْنَى إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْإِرْمَاضِ، وَهُوَ الْإِحْرَاقُ وَالْمُحْرِقُ لِلذُّنُوبِ الْمَذْهَبُ لَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» وَقَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» وَقَالَ: «إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ رَمَضَانَ وَاثِبَاتُ الِاسْمِ لَا يَكُونُ بِالْآحَادِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْمُتَوَاتِرِ وَالْمَشَاهِيرِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ كَالْحَكِيمِ وَالْعَالِمِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَالَ: جَاءَ الْحَكِيمُ وَالْعَالِمُ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى
(قَالَ): رَجُلٌ تَسَحَّرَ وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَمُرَادُهُ الْفَجْرُ الثَّانِي فَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ الصَّوْمِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ الْمُنْتَشِرُ»، وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ تَسَحُّرَهُ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي فَسَدَ صَوْمُهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ يَقِيسُهُ عَلَى النَّاسِي بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَخْصُوصَ مِنْ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَعِنْدَنَا الْمَخْصُوصُ مِنْ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ فَإِنَّ قِيَاسَ الْأَصْلِ يُعَارِضُهُ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ إلَّا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى النَّاسِي؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ هَذَا الْغَلَطِ مُمْكِنٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ النِّسْيَانِ ثُمَّ فَسَادُ صَوْمِهِ لِفَوَاتِ رُكْنِ الصَّوْمِ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ، وَعَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ قَضَاءً لِحَقِّ الْوَقْتِ فَإِنَّ الْإِمْسَاكَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عِنْدَ فَوَاتِ الصَّوْمِ مَشْرُوعٌ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا مَنْ أَكَلَ فَلَا يَأْكُلُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ»؛ لِأَنَّ فَوَاتَ الْأَدَاءِ بَعْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ فَيَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ بِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ لَهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute