لِطَهَارَتِهِ فَإِنْ عَادَ إلَى جَوْفِهِ، أَوْ أَعَادَهُ فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَرَدَّهُ، وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْمِيَ بِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَرَوَى ابْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَكَانَ مِلْءَ فِيهِ أَوْ أَكْثَرَ فَعَادَ إلَى جَوْفِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَمُحَمَّدٌ اعْتَبَرَ الصُّنْعَ فِي طَرَفِ الْإِخْرَاجِ، أَوْ الْإِدْخَالِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِهِ الْإِمْسَاكُ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْتَبِرُ انْتِقَاضَ الطَّهَارَةِ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِتَبَعٍ لِرِيقِهِ حَتَّى إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ دُونَ مِلْءِ الْفَمِ، وَعَادَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَإِنْ أَعَادَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَفْسُدْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ فَعَادَ بِنَفْسِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَفْسُدْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ أَعَادَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ تَقَيَّأَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ فَمِهِ فَإِنْ عَادَ بِنَفْسِهِ يَفْسُدْ صَوْمُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَعَادَهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي إحْدَاهُمَا لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِضٍ لِطَهَارَتِهِ وَفِي الْأُخْرَى يَفْسُدُ صَوْمُهُ لِكَثْرَةِ صُنْعِهِ فِي الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ جَمِيعًا فَكَانَ قِيَاسَ مِلْءِ الْفَمِ
(قَالَ): وَإِنْ احْتَجَمَ الصَّائِمُ لَمْ يَضُرَّهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يَسْتَدِلُّونَ فِيهِ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَهُوَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ».
(وَلَنَا) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «مَرَّ بِنَا أَبُو طَيْبَةَ فِي بَعْضِ أَيَّامِ رَمَضَانَ فَقُلْنَا مِنْ أَيْنَ جِئْت فَقَالَ: حَجَمْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ شَكَا النَّاسُ إلَيْهِ الدَّمَ فَرَخَّصَ لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ، وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ بِالْقَاحَةِ» وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِهِمَا وَهُمَا يَغْتَابَانِ آخَرَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» أَيْ أَذْهَبَتْ ثَوَابَ صَوْمِهِمَا الْغَيْبَةُ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَى الْمَحْجُومِ فَصَبَّ الْحَاجِمُ الْمَاءَ فِي حَلْقِهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» أَيْ فَطَّرَهُ بِمَا صَنَعَ بِهِ فَوَقَعَ عِنْدَ الرَّاوِي أَنَّهُ قَالَ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ثُمَّ خُرُوجُ الدَّمِ مِنْ الْبَدَنِ لَا يُفَوِّتُ رُكْنَ الصَّوْمِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ اقْتِضَاءُ الشَّهْوَةِ وَبَقَاءُ الْعِبَادَةِ بِبَقَاءِ رُكْنِهَا
(قَالَ): وَاذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ فِي بَعْضِ نَهَارِ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهَا صَوْمُهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ لِلْأَدَاءِ فِي أَوَّلِهِ، وَعَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute