للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَمَةِ.

؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِي حَقِّ الْمَمَالِيكِ كَالدِّيَةِ فِي حَقِّ الْأَحْرَارِ، وَفِيمَا ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ تَفْضُلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ فِي ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: الْجَنِينُ فِي حُكْمِ الْبَدَلِ بِمَنْزِلَةِ النُّفُوسِ حَتَّى يَكُونَ بَدَلُهُ مَوْرُوثًا عَنْهُ، وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِبَدَلِ النَّفْسِ، وَبَدَلُ النَّفْسِ يُعْتَبَرُ بِحَالِ صَاحِبِ النَّفْسِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ جَنِينَ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الْمَوْلَى يَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ، وَلَوْ كَانَ الْوُجُوبُ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْأُمِّ لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ، وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيَّةُ إذَا كَانَتْ فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مِنْ زَوْجٍ مُسْلِمٍ فَيَضْرِبُ إنْسَانٌ بَطْنَهَا يَلْزَمُهُ الْغُرَّةُ، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ حَالَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ النَّصْرَانِيَّةِ عِنْدَهُ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً، وَمَا فِي بَطْنِهَا مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُهُ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ الذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ فِي الْجَنِينِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى خُصُوصًا قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ خَلْقُهُ، فَإِنَّ وُجُوبَ الْبَدَلِ لَا يَخْتَصُّ بِمَا بَعْدَ تَمَامِ الْخِلْقَةِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَفَضُّلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ فِي ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ لَا تَجُوزُ التَّسْوِيَةُ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ ثُمَّ جَازَتْ التَّسْوِيَةُ هَاهُنَا بِالِاتِّفَاقِ، فَكَذَلِكَ التَّفَضُّلُ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَطَعَ التَّسْوِيَةَ لَا بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالِكِيَّةَ فِي الْجَنِينِ.

وَالْأُنْثَى فِي مَعْنَى النُّشُوِّ يُسَوَّى بِالذَّكَرِ وَرُبَّمَا يَكُونُ الْأُنْثَى أَسْرَعَ نُشُوًّا كَمَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلِهَذَا جَوَّزْنَا تَفْضِيلَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ ثُمَّ وُجُوبُ الْبَدَلِ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا نُقْصَانُ الْأُمِّ إنْ تَمَكَّنَ فِيهَا نَقْصٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ كَمَا فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: وُجُوبُ بَدَلِ جَنِينِ الْآدَمِيَّةِ؛ لِتَحْقِيقِ مَعْنَى الصِّيَانَةِ عَنْ الْهَدَرِ وَجَنِينُ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ تَنْبَنِي عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي ضَمَانِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ فَإِنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ ضَمَانِ الْمَالِ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ هُوَ بَدَلٌ عَنْ النَّفْسِ، وَلِهَذَا لَا يُزَادُ عَلَى مِقْدَارِ الدِّيَةِ بِحَالٍ عَلَى مَا يَأْتِيك بَيَانُهُ.

وَإِنْ خَرَجَ الْجَنِينُ حَيًّا بَعْدَ الضَّرْبَةِ ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَصَلَ حَيًّا كَانَ نَفْسًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ يُوجِبُ الدِّيَةَ، وَالْكَفَّارَةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] وَلَوْ قُتِلَتْ الْأُمُّ ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهَا مَيِّتًا فَفِي الْأُمِّ الدِّيَةُ، وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ؛ لِأَنَّ فِي إتْلَافِ الْجَنِينِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْفَصِلَ مَيِّتًا، وَهِيَ حَيَّةٌ أَوْ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الضَّارِبَ أَتْلَفَ بِفِعْلِهِ نَفْسَيْنِ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَكِنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْبَدَلَ فِي الْجَنِينِ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ.

وَوُرُودُ النَّصِّ بِهِ فِيمَا إذَا انْفَصَلَ مِنْهَا، وَهِيَ حَيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>