فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْكَفَالَةِ فِي تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِالْأَرْشِ عَلَى الْكَفِيلِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ لَهُمَا بِالْأَرْشِ عَلَى الْأَصِيلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ هُنَاكَ لَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْآخَرِ الْقِصَاصُ فَهَذَا مِثْلُهُ وَلَوْ كَانَا أَخَذَا بِالْمَالِ رَهْنًا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمَالِ إذَا عَفَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَقَعَ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ أَبَدًا مَا لَمْ يَقْبِضَا وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَقَعَ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ أَبَدًا سَوَاءٌ قَبَضَا الْمَالَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ، وَالِاسْتِحْسَانَ فِي فَصْلِ اسْتِيفَاءِ الْأَرْشِ، وَالِارْتِهَانِ بِالْأَرْشِ جَمِيعًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ، وَالِاسْتِحْسَانَ فِي فَصْلِ الِارْتِهَانِ بِالْأَرْشِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ بِالْأَرْشِ كَالْكَفَالَةِ فَكَمَا أَنَّ عَفْوَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ بِالْأَرْشِ لَا يَمْنَعُ الْآخَرَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ أَيْ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ بِالِارْتِهَانِ لَمْ يَتِمَّ مِلْكُهُمَا فِي الْأَرْشِ وَلَا فِي بَدَلِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مُوجِبَ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ لَهُمَا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَتِمُّ اسْتِيفَاؤُهُمَا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَقْتَ الْقَبْضِ فَتُقَامُ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ مَقَامَ حَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ فِي إيرَاثِ الشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ فَإِنَّ بِالْكَفَالَةِ تَزْدَادُ الْمُطَالَبَةُ وَلَا تَثْبُتُ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ فَبَقِيَ كُلُّ حَقٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْكَفَالَةِ فِي جَمِيعِ الْقِصَاصِ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ.
، وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ مِنْ يُمْنَاهُ، ثُمَّ قَطَعَ يَمِينًا أُخْرَى وَبَدَأَ بِالْيَدِ، ثُمَّ قَطَعَ الْأُصْبُعَ، ثُمَّ حَضَرَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ أُصْبُعَهُ أَوَّلًا بِأُصْبُعِ الْآخَرِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْيَدِ، فَإِنْ شَاءَ قَطَعَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَدِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْبُدَاءَةِ بِحَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ إيفَاءَ الْحَقَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ بِهِ مَحَلُّ حَقِّ صَاحِبِ الْأُصْبُعِ فَمهمَا أَمْكَنَ إيفَاءُ الْحَقَّيْنِ لَا يَجُوزُ إبْطَالُ حَقِّ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ حَقُّ صَاحِبِ الْأُصْبُعِ فِي الْأُصْبُعِ مَقْصُودٌ وَحَقُّ صَاحِبِ الْيَدِ فِي الْأُصْبُعِ تَبَعٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ قَطْعَ الْأَصَابِعِ، أَوْ بَعْضَهَا وَتَرْكَ الْكَفِّ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ التَّبَعِ، وَالْمَقْصُودِ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ وَقَتَلَ آخَرَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِحَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ فَيُقْتَصُّ لَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُقْتَلُ بِالْآخَرِ، وَإِذَا قَطَعَ صَاحِبُ الْأُصْبُعِ أُصْبُعَهُ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْيَدِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ نَاقِصَةً بِأُصْبُعٍ وَمَنْ قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ وَيَدُ الْقَاطِعِ نَاقِصَةٌ بِأُصْبُعٍ يَتَخَيَّرُ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ مَا بَقِيَ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute