للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ الْعَبْدِ فَلِهَذَا كَانَ ضَمَانُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى وَإِنْ أَصَابَ مَالًا فَضَمَانُهُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ وَيَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَوْلَى كَضَمَانِ النَّفْسِ وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَقُلْنَا: الْعَبْدُ بِالْتِزَامِ ضَمَانِ الْمَالِ كَالْحُرِّ فَإِنَّهُ مُنْفَكُّ الْحَجْرِ عَنْهُ فِي اكْتِسَابِ سَبَبِ ذَلِكَ وَفِي الْتِزَامِ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ هُوَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَكَّ الْحَجْرِ بِالْإِذْنِ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى.

وَإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطِهِ شَيْئًا فَوَقَعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَأَصَابَ إنْسَانًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِيمَا يُحْدِثُهُ فِي مِلْكِهِ وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا أَوْ غَيْرَ مَائِلٍ لِأَنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْ وَضْعِ مَتَاعَهُ عَلَى مِلْكِهِ.

وَإِذَا تَقَدَّمَ إلَى رَجُلٍ فِي حَائِطٍ مِنْ دَارِهِ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ أَوْ قَالُوا: لَا نَدْرِي هِيَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْيَدِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِاسْتِحْقَاقِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَهُوَ نَظِيرُ الْمُشْتَرِي لِلدَّارِ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَا فِي يَدِ الشَّفِيعِ مِلْكَهُ كَانَ عَلَى الشَّفِيعِ إثْبَاتُ مِلْكِهِ بِالْبَيِّنَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ وَالثَّانِي أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمَقْتُولَ إنَّمَا مَاتَ بِسُقُوطِ الْحَائِطِ عَلَيْهِ فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِالْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ لَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ أَيْضًا فِي الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْمُقِرُّ عَلَى الْغَيْرِ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا فِي إقْرَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ أَنْ نُضَمِّنَهُ الدِّيَةَ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّعَدِّي وَهُوَ تَرْكُ هَدْمِ الْحَائِطِ بَعْدَ مَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ جَنَاحٍ أَخْرَجَهُ فِي دَارِ فِي يَدِهِ إلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَقَالَتْ الْعَاقِلَةُ: لَيْسَتْ الدَّارُ لَهُ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْجَنَاحَ بِأَمْرِ رَبِّ الدَّارِ وَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ لَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا الدِّيَةَ فِي مَالِهِ فَهَذَا مِثْلُهُ.

وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطٍ لَهُ مَائِلٌ أَوْ غَيْرِ مَائِلٍ سَقَطَ بِهِ الْحَائِطُ فَأَصَابَ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ إذَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ بِالْحَائِطِ حِينَ سَقَطَ الْحَائِطُ وَسُقُوطُهُ عَلَى إنْسَانٍ بِمَنْزِلَةِ سُقُوطِ الْحَائِطِ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ وَلَوْ كَانَ هُوَ سَقَطَ مِنْ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْقُطَ الْحَائِطُ فَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ هُوَ ضَامِنًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْفُوعٍ هُنَا بِالْحَائِطِ فَإِنَّ الْحَائِطَ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَسْقُطْ وَلَكِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّائِمِ انْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>