لِصَاحِبِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا فِي حَقِّهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ فَيَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ الثُّلُثُ وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهَا أَحَدٌ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْبَائِعِ قِيمَتُهُ لِأَنَّ إزَالَتَهُ الْعَبْدَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ بِمَنْزِلَةِ إزَالَتِهِ بِالْعِتْقِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْبَائِعِ قِيمَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَفِي رِوَايَةٍ مُحَمَّدٍ دَمُهُ هَدَرٌ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْعِتْقِ.
قَالَ: وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَقَالَ: الْمَوْلَى أَنَا كُنْتُ أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ عَاقِلَتُهُ وَلَمْ يُصَدِّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَصَارَ الْمَوْلَى مُخَاطَبًا بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إيجَابِ مُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَلَا فِي تَفْرِيغِ الْعَبْدِ عَنْ مُوجِبِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ إذَا كَذَّبَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَرِئَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ بِتَصَادُقِهَا عَلَى ذَلِكَ وَالْحَقُّ لَا يُعَدُّ وَهْمًا فَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْمَوْلَى لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْحَفْرِ كَانَ مِنْ الْعَبْدِ بِأَمْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ حَفَرَ بِنَفْسِهِ.
وَلَوْ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ فِي الطَّرِيقِ فَأَقَرَّ رَجُلٌ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَفَرَ الْبِئْرَ كَانَ مُصَدِّقًا عَلَى نَفْسِهِ دُونَ عَوَاقِلِهِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَحُرًّا يَحْفِرَانِ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَمَاتَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا الْعَبْدَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَقَدْ تَلِفَ فِي عَمَلِهِ ثُمَّ تِلْكَ الْقِيمَةُ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ جَانِيًا عَلَى نِصْفِ الْحُرِّ وَقَدْ فَاتَ وَأَخْلَفَ بَدَلًا فَيَسْتَوْفِي وَلِيُّهُ ذَلِكَ الْبَدَلَ بِحَقِّهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا الْمَوْلَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بِجِنَايَةِ كَانَتْ مِنْ الْعَبْدِ وَفِي ضَمَانِهِ ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ مَلَكَ الْعَبْدَ بِالضَّمَانِ وَقَدْ صَارَ الْحُرُّ جَانِيًا عَلَى نِصْفِهِ فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَاصِبٍ لَهُ وَكَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْحُرَّ صَارَ جَانِيًا عَلَى نِصْفِ الْعَبْدِ ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى نِصْفِ الْحُرِّ.
وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ فَمَاتَ فَإِنَّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ نِصْفَهُ وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ جَانِيًا عَلَى الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ بِالْحَفْرِ السَّابِقِ وَبِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ يَكُونُ نِصْفُ قِيمَةِ حَقِّ وَلِيِّ الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ كَانَ وُقُوعُ الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ بِجِنَايَتِهِ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ قَدْ مَلَكَ جَمِيعَهُ لِأَنَّهُ حِينَ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْعَبْدُ مَا كَانَ لِأَحَدٍ سِوَاهُ حَقٌّ فِي الْعَبْدِ وَبِوُقُوعِ الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ لَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ حَقَّ وَلِيِّهِ كَانَ تَامًّا يَوْمئِذٍ وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute