لِتَقُومَ مَقَامَ الْجَارِيَةِ لِلْمَوْلَى فَارِغَةً كَمَا غَصَبَهَا ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ.
فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ أَفْدَاهُ بِالدِّيَةِ وَرُجِعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ أَفْدَاهُ بِالدِّيَةِ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ وَإِلَى الْغَاصِبِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ لَمَّا تَقَرَّرَتْ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَدْ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ جَنَى عَلَى أَمَةِ الْغَاصِبِ وَهُوَ هَدَرٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - هُوَ مُعْتَبَرٌ فَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ وَفِدَاءُ الْعَبْدِ بِالدِّيَةِ فَقَدْ اسْتَوْجَبَ هُوَ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْغَاصِبِ وَاسْتَوْجَبَ الْغَاصِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْأَمَةِ لِاخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ أَوْ اعْتِبَارِهِ جِنَايَةَ الْعَبْدِ عَلَى الْأَمَةِ فَيَقَعُ الْمُقَاصَّةُ لِاسْتِوَاءِ الْقِيمَتَيْنِ فَلِهَذَا لَا يُرْجَعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ.
وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي الْعَبْدِ جِنَايَتَانِ مُعْتَبَرَتَانِ جِنَايَةٌ عَلَى الْحُرِّ فَيُضْرَبُ وَلِيُّ الْحُرِّ فِيهِ بِالدِّيَةِ وَجِنَايَةٌ عَلَى الْأَمَةِ فَيُضْرَبُ الْغَاصِبُ فِيهِ بِقِيمَتِهَا وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ أَلْفٍ سَهْمًا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةٌ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ وَجُزْءٌ لِلْغَاصِبِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّ الْغُلَامَ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِجِنَايَتِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ فَارِغًا عَشَرَةٌ وَإِنَّمَا سَلَّمَ مِنْهُ جُزْءًا وَقَدْ فَاتَ الْجُزْءُ الْوَاحِدُ وَأَخْلَفَ بَدَلًا فَإِذَا دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ رُجِعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِجِنَايَتِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِذَا رُجِعَ بِهِ صَارَ فِي يَدِ الْمَوْلَى قِيمَةُ الْغُلَامِ تَامَّةً وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ صَارَ فِي يَدِ وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ وَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَصَارَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الْغُلَامِ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَصَارَ فِي يَدِ وَلِيِّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِيُؤْخَذَ مِنْهُ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ فَإِنْ قَالَ وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَارِيَةِ: لَا أَضْرِبُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْغُلَامِ وَلَكِنِّي أَنْظُرُ فَإِنْ خَرَجَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَخَذْتهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لَحِقَهُ مَحَلَّيْنِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَيَّهمَا ثُمَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَدْفَعُ الْغُلَامُ كُلَّهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى الْأُمِّ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَهُ كَمَا بَيَّنَّا فَإِنَّهَا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ لِلْغَاصِبِ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهِ رُجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَيَدْفَعُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِهِ قِيمَتَانِ.
فَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَدْفَعُ مِنْ الْعَبْدِ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْغُلَامِ وَيَتْرُكُ الْجُزْءَ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى الْأَمَةِ جِنَايَةٌ مُعْتَبَرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute