ذَلِكَ فَنَقُولُ: أَمَّا نِصْفُ نَصِيبِهِ الَّذِي جَرَى فِيهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَقَدْ أُتْلِفَ رُبْعُ النَّفْسِ بِثَلَاثِ جِنَايَاتٍ: جِنَايَةٍ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَدْ صَارَ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِذَلِكَ الْبَيْعِ وَجِنَايَةٍ بَعْدَ الْبَيْعِ وَذَلِكَ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ وَجِنَايَةٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَبْطُلُ ثُلُثُ الرُّبْعِ وَهُوَ نِصْفُ سُدُسِ الدِّيَةِ.
وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يَجْرِ فِيهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ جَنَى عَلَى رُبْعِ النَّفْسِ أَيْضًا ثَلَاثَ جِنَايَاتٍ: إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَدْ صَارَ مُخْتَارًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْبَعْضِ بِاخْتِيَارِ الْفِدَاءِ كَبَيْعِ الْكُلِّ وَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ الْبَيْعِ - وَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ فِي حَقِّ التَّعَلُّقِ بِالرَّقَبَةِ فَيَتَوَزَّعُ هَذَا نِصْفَانِ فَلِهَذَا قَالَ: عَلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ سُدُسُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ سُدُسِ الدِّيَةِ مِقْدَارُ مَا صَارَ مُخْتَارًا لَهُ بِبَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِنَصِيبِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الدَّفْعُ بِكِتَابَةِ شَرِيكِهِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمِنْ سُدُسِ وَرُبْعِ سُدُسِ الدِّيَةِ وَلَكِنَّ هَذَا الِاسْتِهْلَاكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا أَعْتَقَ أَوْ اسْتَسْعَى أَوْ ضَمِنَ فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ هَذَا النِّصْفُ مَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْمَعَانِي.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ بَاعَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَقَطَعَ يَدَ آخَرَ وَفَقَأَ عَيْنَ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَاتَا مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِشَرِيكِ الْمُشْتَرِي: ادْفَعْ نِصْفَك إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلَيْنِ نِصْفَيْنِ أَوْ افْدِهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ لِأَنَّ الْجِنَايَتَيْنِ تَعَلَّقَتَا بِنَصِيبِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ مَا يَكُونُ دَلِيلَ اخْتِيَارٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِهِ إلَيْهِمَا وَبَيْنَ أَنْ يَفْدِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ: ادْفَعْ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ إلَى وَلِيِّ قَتِيلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ نَصِيبَهُ جَنَى عَلَى الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ جِنَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالْأُخْرَى بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيَصِيرُ مُخْتَارًا لِمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ حِينَ بَاعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِجِنَايَتِهِ فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ يُخَيَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْن أَنْ يَدْفَعَ نَصِيبَهُ إلَيْهِمَا أَوْ يَفْدِيَهُمَا لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْآخَرِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ بِاعْتِبَارِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِذَا اخْتَارَ الدَّفْعَ كَانَ هَذَا النِّصْفُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا: ثُلُثُهُ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْأَوَّلِ وَثُلُثَاهُ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْآخَرِ عَلَى مِقْدَارِ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَجَرَحَ رَجُلًا جَرْحًا خَطَأً فَكَاتَبَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ ثُمَّ جَرَحَهُ أَيْضًا ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الَّذِي كَاتَبَ أَوَّلًا رُبْعُ الدِّيَةِ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ حِينَ جَنَى ثَلَاثُ جِنَايَاتٍ عَلَى نِصْفِ النَّفْسِ إحْدَاهَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَاثْنَانِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ فَانْقَسَمَ هَذَا النِّصْفُ نِصْفَيْنِ وَذَلِكَ قَدْ صَارَ مُخْتَارًا لَهُ بِالْكِتَابَةِ فَعَلَيْهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ ذَلِكَ يَكُونُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَأَمَّا الَّذِي كَاتَبَ آخَرَ فَنَصِيبُهُ أَيْضًا حِينَ جَنَى ثَلَاثَ جِنَايَاتٍ جِنَايَتَيْنِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute