عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَتَحَوَّلُ حَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ إلَى الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ النَّاسِ عَنْ الدَّفْعِ سَوَاءٌ كَانَ قَضَى الْقَاضِي بِالدَّفْعِ أَوْ لَمْ يَقْضِ فَلِهَذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ.
وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا لَهُ مِنْ ابْنِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا يَسْعَى الْوَلَدُ فِيمَا عَلَى أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَلَدَ هُنَاكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ يَسْعَى فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَفِيمَا كَانَ عَلَى ابْنِهِ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ قَدْ سَعَى فِيمَا قَدْ كَانَ لِلْوَرَثَةِ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَفِيمَا عَلَى أَبِيهِ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ قَدْ سَعَى فِيمَا قَدْ كَانَ لِلْوَرَثَةِ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ لَمْ يَسْعَ الِابْنُ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْأَبَ عَتَقَ بِأَدَاءِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إلَى وَرَثَتِهِ وَالْوَلَدُ عَتَقَ بِعِتْقِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ لِتَنْفِيذِ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، فَإِذَا عَتَقَ بِالْأَوَّلِ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِ أَبِيهِ كَمَا لَا يُطَالَبُ بِهِ سَائِرُ وَرَثَةِ أَبِيهِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ يَدْفَعُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ أَوْ يَفْدُونَهُ مُتَطَوِّعِينَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَعْتِقُونَهُ عَنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ لَا تَصِيرُ مُنَفَّذَةً بِدُونِ التَّنْفِيذِ فَجَنَى بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَ كَانَ هُوَ بِمَحَلِّ الدَّفْعِ، وَهُوَ مُبْقًى عَلَى مَحَلِّ مِلْكِ الْمَوْلَى فَيُخَاطَبُ مَنْ يَخْلُفُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ، وَإِذَا دَفَعَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، فَإِذَا اخْتَارَ فِدَاهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِالْفِدَاءِ عَنْهُ، وَإِذَا ظَهَرَ عَنْ الْجِنَايَةِ يُعْتَقُ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا كَانَ يُعْتَقُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَفَدَوْهُ أُعْتِقَ وَاسْتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ إنَّمَا تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ وَجِنَايَةُ الْمُدَبَّرِ الذِّمِّيِّ بِمَنْزِلَةِ جِنَايَةِ مُدَبَّرِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ دَفْعَ الرَّقَبَةِ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ كَالْمُسْلِمِ، فَإِنَّ الذِّمِّيَّ مُلْزَمٌ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ مُدَبَّرَهُ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَسَوَاءٌ مَا جَنَى قَبْلَ إسْلَامِهِ وَمَا جَنَى بَعْدَ إسْلَامِهِ مَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ لِمَوْلَاهُ الذِّمِّيِّ مِنْ أَجْلِ إسْلَامِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِسْلَامِ لَا يَضُرُّ مَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَوْلَاهُ لَوْ أَسْلَمَ بَقِيَ مُدَبَّرًا لَهُ عَلَى حَالِهِ فَيَكُونُ مُوجَبُ جِنَايَتِهِ عَلَى مَوْلَاهُ، فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ السِّعَايَةَ فِي قِيمَتِهِ، ثُمَّ جَنَى كَانَ عَلَيْهِ فِي كَسْبِهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَوْلَاهُ لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ هَذَا بَقِيَ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنْهَا فَيَكُونُ هُوَ فِي جِنَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْعَى لِيُعْتِقَ بِخِلَافِ مُعْتَقِ الْبَعْضِ.
وَأَمَّا مُدَبَّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute