صَاحِبُهَا فِي الثُّلُثِ بِذَلِكَ وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ مِائَةٍ سَهْمًا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ، ثُمَّ ثُلُثُ الْمَالِ بِقَدْرِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْوَصِيَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سِتُّمِائَةٍ وَمَبْلَغُ الْوَصِيَّتَيْنِ ثَمَانِمِائَةٍ وَيُقَدِّرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَصِيَّتِهِ فِي الْحَالِ فَيَجْتَمِعُ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَتِهِ حَقُّهُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي الرُّبُعِ فَلِهَذَا قَالَ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْوَرَثَةَ يَوْمًا وَلِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ رَقَبَةِ عَبْدِهِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ اسْتَكْمَلَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ عَبْدَهُ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ قَدْ بَطَلَتْ وَجَمِيعُ الْعَبْدِ لِلْآخَرِ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ وَزِيَادَةٌ.
وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ يَخْدُمُ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ وَصَارَ الْمَيِّتُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَيَبْقَى السَّالِمُ لِلْوَرَثَةِ عِنْدَ التَّسَاوِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيُمْكِنُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي عَبْدٍ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دُونَ الثُّلُثِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ سَوَاءً كَانَ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ نِصْفُ خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ نِصْفُ رَقَبَةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا فِي الثُّلُثِ سَوَاءٌ وَالثُّلُثُ بِقَدْرِ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْفُذُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَصِيَّةُ فِي نِصْفِ الثُّلُثِ مِمَّا أَوْصَى لَهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَبِيدِ كُلِّهِمْ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَبِخِدْمَةِ أَحَدِهِمْ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَضْرِبْ صَاحِبُ الرِّقَابِ إلَّا بِقِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ الْآخَرِ فَيَكُونُ هَذَا كَالْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعَيْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ تَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا، وَلَوْ كَانُوا يَخْرُجُونَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ الرِّقَابِ وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ لِاتِّسَاعِ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ، وَيَجْتَمِعُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ الْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَبِخِدْمَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ رَجَعَ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ لِفُلَانٍ وَأَوْصَى بِخِدْمَةِ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ لِفُلَانٍ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ فِي خِدْمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَلِلْآخَرِ خُمُسَا الثُّلُثِ فِي الْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خُمُسُ رَقَبَةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ تُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْآخَرِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَاحِدًا فَأَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ لَا تَثْبُتُ الْمُزَاحَمَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ مَعَ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فِيهِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ كُلِّ عَبْدٍ لَا يُزَاحِمُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ فِي الثُّلُثِ بِشَيْءٍ مِنْ وَصِيَّتِهِ فِي هَذَا الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يُزَاحِمُهُ وَصِيَّتُهُ فِي الْعَبْدَيْنِ الْآخَرَيْنِ، وَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِذَا جَعَلْنَا كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا كَانَ حَقُّهُ فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ فِي ثَلَاثَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute