تَزَوَّجَ مُكَاتَبَتَهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بِهَا يَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا لِلشُّبْهَةِ فَيَأْخُذُ مَهْرَ مِثْلِهَا أَوَّلًا، ثُمَّ لَهَا الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ النِّكَاحُ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَاةَ عِنْدَهُمَا حُرَّةٌ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَالْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَ وَرِثَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَصِيَّةٌ فَيُحَاسَبُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مِنْ مَهْرِهَا وَمِيرَاثِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَبْضِ ذَلِكَ مِنْهَا حِينَ وَجَبَ رَدُّهَا عَلَيْهَا، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَدَّاهُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ زَادَهَا شَيْئًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ لَهُ.
وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ، ثُمَّ اسْتَدَانَ مِنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَتَرَكَ أَلْفَيْنِ سِوَى ذَلِكَ عِنْدَهُمَا هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَتَرِثُ وَلَهَا مَهْرُهَا لِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَلَهَا دَيْنُهَا الَّذِي اسْتَدَانَ مِنْهَا لِكَوْنِهِ بِبَيِّنَةٍ مُعَايَنَةٍ وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا وَصِيَّةَ لَهَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ النِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَوْفِي دَيْنَهَا مِنْ الْمَالِ، ثُمَّ لَهَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَقِيمَتُهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ؛ فَلِذَلِكَ بَطَلَ النِّكَاحُ.
وَلَوْ أَعْتَقَهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَاسْتَدَانَ مِنْهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا مَهْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ.
وَلَوْ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا، ثُمَّ اكْتَسَبَ مَالًا تَخْرُجُ هِيَ وَمَهْرُهَا مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَلَهَا الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ وُجُوبَهُ الْوَصِيَّةَ يَكُونُ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ رَقَبَتُهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْمَهْرِ فَلَا تَسْعَى فِي شَيْءٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ صَحِيحًا بَيْنَهُمَا بِالْمَوْتِ فَلَهَا الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ، وَيَجْمَعُ لَهَا بَيْنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ لِضَرُورَةِ الدَّوْرِ، وَإِذَا أَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى وَصِيَّتِهِ فِي كِتَابٍ شُهُودًا وَلَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكْتُبْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا مَا فِي الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا عَلَى الْكِتَابِ وَبِدُونِ عِلْمِ الشَّاهِدِ الْمَشْهُودِ بِهِ لَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ، وَإِنْ قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا نَشْهَدُ عَلَيْك بِذَلِكَ فَحَرَّكَ رَأْسَهُ بِنَعَمْ وَلَمْ يَنْطِقْ فَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا إقْرَارَهُ وَتَحْرِيكُ الرَّأْسِ مِنْ النَّاطِقِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا إذْ هُوَ مُحْتَمَلٌ فِي نَفْسِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِاسْتِبْعَادِ الشَّيْءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلرِّضَى بِهِ، وَإِنْ كَتَبَهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ أَوْ قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمْ سَمِعُوا إقْرَارَهُ وَعَلِمُوا بِمَا كَتَبَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَوْ قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ وَصِيَّتُك قَالَ: نَعَمْ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ كَلَامَهُ مَخْرَجَ الْجَوَابِ فَيَصِيرُ مَا تَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute