وَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْمُدَبَّرُ مُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي مِنْ رَقَبَتِهِ فَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيُسَلِّمُ لَهُ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ نِصْفَ الرَّقَبَةِ وَبِالتَّدْبِيرِ ثُلُثَ الرَّقَبَةِ وَيَسْعَى فِي سُدُسِ الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا يُسَلِّمُ لِلْقِنِّ نِصْفَ رَقَبَتِهِ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ فَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فُلَانًا إنْ قُتِلَ، وَأَنَّهُ قَدْ قُتِلَ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ مَاتَ مَوْتًا، فَإِنِّي أُجِيزُ الْعِتْقَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ فِي إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ إثْبَاتَ الْعِتْقِ وَالْقَتْلِ وَفِي الْأُخْرَى نَفْيَهُمَا وَالْمُثْبَتُ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ هَذَا، وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ، وَمَاتَ فِي أَهْلِهِ فَإِنِّي أُجِيزُ شَهَادَةَ شُهُودِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِمَا إثْبَاتَ الْعِتْقِ وَإِثْبَاتَ تَارِيخٍ سَابِقٍ فِي مَوْتِهِ، وَإِنْ شَهِدَ هَذَانِ الْآخَرَانِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ رَجَعْت مِنْ سَفَرِي هَذَا فَمُتُّ فِي أَهْلِي فَفُلَانٌ حُرٌّ وَأَنَّهُ قَدْ رَجَعَ فَمَاتَ فِي أَهْلِهِ وَجَاءُوا جَمِيعًا إلَى الْقَاضِي فَإِنِّي لَا أُجِيزُ شَهَادَةَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى الرُّجُوعِ وَأُجِيزُ شَهَادَةَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ مَاتَ فِي أَهْلِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا مَوْتَهُ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِمَوْتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِانْعِدَامِ الْمُعَارِضِ، ثُمَّ الْمَوْتُ لَا يَتَكَرَّرُ عَادَةً فَيُبْطِلُ شَهَادَةَ الْآخَرِينَ جَمِيعًا ضَرُورَةً (أَلَا تَرَى) أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ قَالَ: إنْ مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخَرِ فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَإِنْ مَاتَ فِي رَجَبٍ فَفُلَانٌ حُرٌّ لِعَبْدٍ آخَرَ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخَرِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ مَاتَ فِي رَجَبٍ أَخَذْنَا بِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمَوْتِ الْأَوَّلِ لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي مَاتَ أَمْ لَا فَقَالَ: الْغُلَامُ مَاتَ مِنْهُ وَقَالَ الْوَارِثُ: صَحَّ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْغُلَامَ يَدَّعِي شَرْطَ الْعِتْقِ وَالْوَارِثُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِلْغُلَامِ، وَلَكِنَّ ثُبُوتَ الشَّرْطِ ظَاهِرًا لَا يَكْفِي لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُدْفَعُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُثْبِتُ لِلشَّرْطِ وَالْعِتْقِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرَأْتُ مِنْهُ فَفُلَانٌ آخَرُ حُرٌّ، فَقَالَ الْعَبْدُ: قَدْ مَاتَ مِنْهُ وَقَالَ الْوَارِثُ: قَدْ بَرَأَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِمَا بَيَّنَّا، فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَدَّعِي أَعْتَقْتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْعِتْقَ بِبَيِّنَةٍ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ لَهُمَا أَخَذْتُ بِبَيِّنَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ، وَأَبْطَلْت الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ مَرَّتَيْنِ، وَإِذَا أَمَتُّهُ فِي الْأَوَّلِ بَطَلَ الْآخَرُ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَمُوتُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute