للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مَعَ نَفْسِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ لِهَذَا.

وَلَوْ كَانَ هُوَ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ مَعَ نَفْسِهِ لَمَلَكَ مِثْلَ قِيمَتِهِ كَمَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ اسْتَحْسَنَا إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ فِي تَصَرُّفِهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى وُفُورِ الشَّفَقَةِ وَإِيثَارِهِ الصَّبِيَّ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَقْصُودَ فِيهِ سِوَى الْمَالِيَّةِ فَبِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى يُلْتَحَقُ بِمَنْ هُوَ وَافِرُ الشَّفَقَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ نَائِبًا فِي جَانِبِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْعُهْدَةَ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَالْأَبِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يَنْفِي التُّهْمَةَ عَنْهُ وَلَا مَا يَكُونُ جَائِزًا لِنُقْصَانِ تَفْوِيتِ الْمَقْصُودِ بِالْعَيْنِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِذَا نَفَّذَ الْوَصِيُّ أُمُورَ الْمَيِّتِ وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ إلَى الْوَارِثِ، وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى الْوَارِثِ كِتَابَ بَرَاءَةٍ لِلْوَصِيِّ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنْ مَا سَلَّمَ إلَيْهِ جَمِيعَ حَقِّهِ فَلَعَلَّهُ أَخْفَى بَعْضَ ذَلِكَ أَوْ أَتْلَفَهُ فَإِنَّ الْخِيَانَةَ مِنْ الْأَوْصِيَاءِ ظَاهِرَةٌ وَأَدَاءَ الْأَمَانَةِ مِنْهُمْ نَادِرٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْبَرَاءَةَ إلَّا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ بِعَيْنِهِ فَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ عَلَى طَرِيقَةِ الْقِيَاسِ مَنْ اسْتَوْفَى حَقَّ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ الْبَرَاءَةَ لِغَيْرِهِ، وَلَكِنْ لِأَجْلِ النَّظَرِ لِلْوَصِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْبَرَاءَةَ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَصَوَّرُ هُوَ بِهِ، وَذَلِكَ فِي أَنْ يَكْتُبَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ بِعَيْنِهِ قَالَ: وَإِذَا أَعْطَى الْوَصِيُّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ، وَهُوَ كَبِيرٌ نَصِيبَهُ مِمَّا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ جَحَدَ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ عِنْدِي غَيْرُ هَذَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَلْفٍ أُخْرَى حِصَّةَ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِوُصُولِ الْأَلْفَيْنِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ دَفْعِهِ أَلْفًا إلَى أَحَدِهِمَا إقْرَارَهُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ نَصِيبُهُ أَقَرَّ بِأَنَّ عِنْدَهُ مِثْلَ ذَلِكَ لِلصَّغِيرِ فَالثَّابِتُ بِضَرُورَةِ النَّصِّ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ فَكَانَ فِي الْجُحُودِ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ لِلصَّغِيرِ أَلْفًا أُخْرَى، وَإِذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ وَسَائِرَ الْمِيرَاثِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْكِبَارِ مِنْ الْعَقَارِ وَإِنَّمَا يَبِيعُ حِصَّةَ الصِّغَارِ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ لَا يَبِيعُ إلَّا بِقَدْرِ الدَّيْنِ مِنْ الْعَقَارِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْقِيَاسُ هَذَا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى نَصِيبِ الصَّغِيرِ دُونَ نَصِيبِ الْكَبِيرِ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِاخْتِلَاطِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ، وَكَذَلِكَ وِلَايَتُهُ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا صَغِيرَ فِي وِلَايَتِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ وَأَبُو حَنِيفَةَ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: لَمَّا ثَبَتَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ فِي بَيْعِ الْبَعْضِ ثَبَتَتْ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ بِسَبَبِ الْوِصَايَةِ لَا تَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤ

<<  <  ج: ص:  >  >>