للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى بِطَرِيقِ الْمَعْنَى دُونَ الصُّورَةِ فَكَانَ اعْتِبَارُ الْمَعْنَى فِيهِ مُرَجِّحًا؛ فَلِهَذَا صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْمُقَدَّرِ مِنْ الْمُقَدَّرِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ صُورَةً فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: كُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ كُرُّ شَعِيرٍ إلَّا مَخْتُومَ حِنْطَةٍ نَقَصَ مِنْ الشَّعِيرِ قِيمَةُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ دَارِي هَذِهِ أَوْ عَبْدِي هَذَا إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةُ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَجُوزُ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ، وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الدَّارَ وَالْعَبْدَ لَيْسَا بِمُقَدَّرَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا يَشْتَرِطَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مُقَدَّرًا وَالْمُسْتَثْنَى هُنَا مُقَدَّرٌ، وَكَأَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ الِاسْتِثْنَاءَ فَاعْتِبَارُ الْمَالِيَّةِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ يُعْرَفُ بِالتَّسْمِيَةِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْقَدْرِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ مُقَدَّرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُقَدَّرٍ أَوْ يَقُولُ: هَذَا فِي مَعْنَى وَصِيَّةٍ بِبَيْعِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ مِنْهُ بِمِائَةٍ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: جَعَلْت مِلْكَ هَذِهِ الدَّارِ وَمَالِيَّتَهَا مُحَابَاةً إلَّا بِقَدْرِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنِّي لَا أَخْلُفُهَا لَهُ بِعِوَضٍ.

وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ قِيمَتُهَا أَلْفًا، فَأَوْصَى بِبَيْعِهَا مِنْهُ بِمِائَةٍ جَازَتْ الْمُحَابَاةُ مِنْ الثُّلُثِ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ التَّمْلِيكَ مُضَافٌ إلَى جَمِيعِ الدَّارِ وَهَهُنَا إلَى مَا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى مَعْنًى وَقِيمَةُ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّارِ يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ وَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ

وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَى الْعِشْرِينَ أَوْ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إلَى الْعِشْرِينَ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ تَمَامُ الْعِشْرِينَ اسْتِحْسَانًا وَرَوَى زُفَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِمَا بَيْنَ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَدْخُلُ الْغَايَتَانِ اسْتِحْسَانًا فَلَهُ الْمِائَتَانِ، وَفِي رِوَايَةِ زُفَرَ لَا يَدْخُلُ الْغَايَتَانِ فَلَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تَدْخُلُ الْغَايَةُ الْأُولَى لِلضَّرُورَةِ، وَلَا تَدْخُلُ الْغَايَةُ الثَّانِيَةُ فَلَهُ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي الْإِقْرَارِ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةٍ فَلَهُ عَشَرَةٌ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ عِشْرُونَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ حَرْفَ فِي بِمَعْنَى حَرْفِ الْوَاوِ أَوْ بِمَعْنَى حَرْفِ مَعَ وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ لَهُ مِائَةٌ بِطَرِيقِ الْحِسَابِ، فَإِنَّك إذَا سَأَلْت وَاحِدًا مِنْ الْحُسَّابِ كَمْ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ يَقُول: مِائَةٌ وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَهُ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ حَرْفَ فِي لِلظَّرْفِ وَالْعَشَرَةُ لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا لِلْعَشَرَةِ فَيَلْغُو آخِرُ كَلَامِهِ، وَيُجْعَلُ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَمَعَ مَجَازًا وَبِالْمَجَازِ لَا يَثْبُتُ تَمْلِيكُ الْمَالِ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِالسَّكِّ وَالضَّرْبِ مِنْ حَيْثُ الْحِسَابُ تَكْثُرُ السِّهَامُ لَا أَصْلُ الْمَالِ فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ.

وَإِنْ ضَرَبْتهَا فِي عَشَرَةٍ أَوْ فِي مِائَةٍ تَكْثُرُ السِّهَامُ فِيهَا، وَلَا يَزْدَادُ وَزْنُهَا.

وَلَوْ قَالَ: بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ جَعَلْت لَهُ مِائَةَ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةً؛ لِأَنَّ لِذَوِي الْمِسَاحَاتِ طُولًا وَعَرْضًا فَقَوْلُهُ: فِيهَا عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ لِبَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مِائَةَ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةٍ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ فَلَيْسَ فِيهَا لَا طُولٌ، وَلَا عَرْضٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>