فِي الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ التَّتَابُعِ فِي وُسْعِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إنْ نَذَرَتْ صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا قَضَتْ أَيَّامَ الْحَيْضِ لِمَا بَيَّنَّا
(قَالَ): رَجُلٌ جَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ كُلَّ خَمِيسٍ يَأْتِي عَلَيْهِ فَأَفْطَرَ خَمِيسًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ إنْ أَرَادَ يَمِينًا فَإِنْ أَفْطَرَ خَمِيسًا آخَرَ قَضَاهُ أَيْضًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَاحِدَةٌ فَإِذَا حَنِثَ فِيهَا مَرَّةً لَا يَحْنَثُ مَرَّةً أُخْرَى، وَبِحُكْمِ النَّذْرِ لَزِمَهُ صَوْمُ كُلِّ خَمِيسٍ فَكُلُّ مَا أَفْطَرَ فِي خَمِيسٍ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْقَضَاءِ فِي كُلِّ خَمِيسٍ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ النَّذْرِ بِخِلَافِ إيجَابِ الْكَفَّارَتَيْنِ
(قَالَ): وَإِنْ جَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ فُلَانٌ لَيْلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةٌ لِبَيَاضِ النَّهَارِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ عِنْدَ قُدُومِ فُلَانٍ وَلَا يُقَالُ الْيَوْمُ بِمَعْنَى الْوَقْتِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْوَقْتِ، وَلَكِنْ إذَا قَرَنَ بِهِ مَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ، وَهُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ الْوَقْتَ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِ الْوَقْتَيْنِ، وَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ فِي يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَلَا يَقْضِي هَذَا الْيَوْمَ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ قَالَ: لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ النَّذْرُ وَالْوَقْتُ شَرْطٌ فِيهِ فَعِنْدَ وُجُودِهِ يَسْتَنِدُ الْوُجُوبُ إلَى نَذْرِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ غَدًا فَأَكَلَ الْغَدَ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ أَضَافَ النَّذْرَ إلَى وَقْتِ قُدُومِ فُلَانٍ فَعِنْدَ وُجُودِ الْقُدُومِ يَصِيرُ كَالْمُجَدِّدِ لِلنَّذْرِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِهِ كَالْمُنَجَّزِ، وَمَنْ أَكَلَ فِي يَوْمٍ ثُمَّ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ أَبَدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَدِمَ فُلَانٌ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَجَوَابُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِعِلَّةِ أَنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِالْتِزَامِ الصَّوْمِ مِنْ أَحَدٍ وَمَا قَبْلَ الزَّوَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتًا لِالْتِزَامِ الصَّوْمِ فِي حَقِّ الْأَكْلِ فَهُوَ وَقْتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَكُنْ أَكَلَ فِيهِ صَامَهُ لِبَقَاءِ وَقْتِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَصَارَ كَالْمُنَجِّزِ لِلنَّذْرِ فِي الْحَال
(قَالَ): رَجُلٌ أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْفِطْرِ ثُمَّ أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ كَالنَّذْرِ بِدَلِيلِ سَائِرِ الْأَيَّامِ وَالنَّهْيُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الشُّرُوعِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ كَمَنْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ بَعْدَ الشُّرُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute