الْمُخْتَلِفَةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ إذَا كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ عَبْدَيْنِ كُلَّ عَبْدٍ يُسَاوِي أَلْفًا لَمْ يَمْلِكْ الْمُضَارِبُ شَيْئًا مِنْهُمَا، وَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَشْغُولًا بِرَأْسِ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِهَا مِائَةَ شَاةٍ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ يُفْصَلُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبِيدِ دَارٌ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا مَقْسُومًا أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ فَهُمَا سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ فَلَهُ سُدُسُ الْبَاقِي، وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الدَّارِ وَسُدُسِ الدَّرَاهِمِ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَسُدُسَ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَاسْتِحْقَاقُ نِصْفِهَا لَا يُبْطِلُ شَيْئًا مِنْ وَصِيَّتِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ مِنْهَا شَيْءٌ كَانَ يَأْخُذُ ثُلُثَ نِصْفِهَا بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْهَلَاكَ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الدَّارِ ثَلَاثَةُ دُورٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ مُجْتَمَعَةٍ إلَّا أَنَّ كُلَّ دَارٍ مِنْهَا عَلَيْهَا حَائِطٌ عَلَى حِدَةٍ فَأَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ أَوْ بِسُدُسِ الدُّورِ وَالدَّرَاهِمِ فَاسْتُحِقَّ دَارَانِ مِنْهَا فَلَهُ سُدُسُ الدَّرَاهِمِ، وَسُدُسُ الدَّارِ الْبَاقِيَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ الدُّورَ كَالْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا تُقَسَّمُ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطْلِقَانِ الْقَوْلَ فِي الدُّورِ أَنَّهَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنَّهُمَا يَقُولَانِ إنَّ رَأْيَ الْإِمَامِ النَّظَرُ فِي قِسْمَةِ الدُّورِ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرَى النَّظَرَ فِي حُكْمِ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلِذَلِكَ قُلْنَا لَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا سُدُسُ الْبَاقِي.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُدُسِ مَالِهِ وَقَدْ تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا هَرَوِيٌّ، وَالْآخَرُ مَرْوِيٌّ، وَالْآخَرُ قُوصِيٌّ فَهَلَكَ ثَوْبَانِ مِنْهَا فَلَهُ سُدُسُ الْبَاقِي. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الثِّيَابِ وَسُدُسِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ هَاهُنَا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مُطْلَقَ التَّسْمِيَةِ لَا يُثْبِتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ، وَالْأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ سُدُسَ كُلِّ ثَوْبٍ بِمَا أَوْجَبَ لَهُ الْمُوصِي فَبَعْدَ هَلَاكِ الثَّوْبَيْنِ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الثَّوْبِ الْبَاقِي إلَّا سُدُسَهُ، وَلَوْ هَلَكَ نِصْفُ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ فَلَهُ سُدُسُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الدَّرَاهِمِ، وَسُدُسِ الثِّيَابِ كَانَ لَهُ سُدُسُ الْبَاقِي، وَثُلُثُ الدَّرَاهِمِ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ فِي الدَّرَاهِمِ وَصِيَّتَهُ تَبْقَى بِبَقَاءِ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى لَهُ مِنْهَا بِسُدُسٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الدَّرَاهِمِ الْبَاقِيَةِ فَيَأْخُذُهَا كُلَّهَا، وَهُوَ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّوْبِ الْبَاقِي إلَّا سُدُسَهُ بِمَا أَوْجَبَ لَهُ الْمُوصِي فَلِهَذَا لَا يَأْخُذُ مِنْ الثَّوْبِ الْبَاقِي إلَّا سُدُسَهُ، وَإِذَا تَرَكَ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَعِدْلًا زُطِّيًّا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ، وَقَدْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute