للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْبِئْرِ فَاسْتُخْرِجَتْ حِينَ مَاتَتْ نُزِحَ مِنْ الْبِئْرِ عِشْرُونَ دَلْوًا، وَإِنْ مَاتَتْ فِي جُبٍّ أُرِيقَ الْمَاءُ، وَغُسِلَ الْجُبُّ؛ لِأَنَّهُ تَنَجَّسَ بِمَوْتِ الْفَأْرَةِ فِيهِ)

وَالْقِيَاسُ فِي الْبِئْرِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ أَمَّا مَا قَالَهُ بِشْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُطَمُّ رَأْسُ الْبِئْرِ، وَيُحْفَرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ نُزِحَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ يَبْقَى الطِّينُ، وَالْحِجَارَةُ نَجِسًا، وَلَا يُمْكِنُ كَبُّهُ لِيُغْسَلَ فَيُطَمُّ.

وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ اجْتَمَعَ رَأْيِي، وَرَأْيُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ فِي حُكْمِ الْمَاءِ الْجَارِي؛ لِأَنَّهُ يَنْبُعُ مِنْ أَسْفَلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ أَعْلَاهُ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَحَوْضِ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ يُصَبُّ فِيهِ مِنْ جَانِبٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ جَانِبٍ لَمْ يَتَنَجَّسْ بِإِدْخَالِ يَدٍ نَجِسَةٍ فِيهِ.

ثُمَّ قُلْنَا، وَمَا عَلَيْنَا لَوْ أَمَرْنَا بِنَزَحِ بَعْضِ الدِّلَاءِ، وَلَا نُخَالِفُ السَّلَفَ، وَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِحَدِيثِ، عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا دِلَاءٌ، وَفِي رِوَايَةٍ سَبْعُ دِلَاءٍ.

، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ فِي الدَّجَاجَةِ تَمُوتُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ دَلْوًا.

(وَلَنَا) حَدِيثُ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا، وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا»، وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي الزِّنْجِيِّ الَّذِي وَقَعَ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ فَمَاتَ أَنَّهُمَا أَمَرَا بِنَزَحِ جَمِيعِ الْمَاءِ.

ثُمَّ فِي الْأَصْلِ جَعَلَهُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ فِي الْفَأْرَةِ عِشْرُونَ دَلْوًا، وَفِي السِّنَّوْرِ، وَالدَّجَاجَةِ أَرْبَعُونَ دَلْوًا، وَفِي الشَّاةِ، وَالْآدَمِيِّ جَمِيعُ الْمَاءِ.، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَهُ عَلَى خَمْسِ دَرَجَاتٍ فِي الْجِلَّةِ، وَالْفَأْرَةِ الصَّغِيرَةِ عَشْرُ دِلَاءٍ، وَفِي الْفَأْرَةِ الْكَبِيرَةِ عِشْرُونَ دَلْوًا، وَفِي الْحَمَامَةِ ثَلَاثُونَ دَلْوًا، وَفِي الدَّجَاجَةِ أَرْبَعُونَ دَلْوًا، وَفِي الشَّاةِ، وَالْآدَمِيِّ جَمِيعُ الْمَاءِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَجَّسُ مِنْ الْمَاءِ مَا جَاوَزَ النَّجَاسَةَ، وَالْفَأْرَةُ تَكُونُ فِي وَجْهِ الْمَاءِ فَإِذَا نُزِحَ عِشْرُونَ دَلْوًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نُزِحَ جَمِيعُ مَا جَاوَزَ الْفَأْرَةَ فَمَا بَقِيَ يَبْقَى طَاهِرًا، وَالدَّجَاجَةُ تَغُوصُ فِي الْمَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا تَغُوصُ الْفَأْرَةُ فَيَتَضَاعَفُ النَّزْحُ لِهَذَا، وَالشَّاةُ، وَالْآدَمِيُّ يَغُوصُ إلَى قَعْرِ الْمَاءِ فَيَمُوتُ، ثُمَّ يَطْفُو فَلِهَذَا نُزِحَ جَمِيعُ الْمَاءِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَفَسَّخْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ فَإِنْ انْتَفَخَ، أَوْ تَفَسَّخَ نُزِحَ جَمِيعُ الْمَاءِ.

الْفَأْرَةُ، وَغَيْرُهَا فِيهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مِنْهَا بِلَّةٌ نَجِسَةٌ، وَتِلْكَ الْبِلَّةُ نَجَاسَةٌ مَائِعَةٌ بِمَنْزِلَةِ قَطْرَةٍ مِنْ خَمْرٍ، أَوْ بَوْلٍ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ.

وَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا، وَقَعَ فِي الْبِئْرِ ذَنَبُ فَأْرَةٍ يُنْزَحُ جَمِيعُ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعَ فِيهِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ نَجَاسَةٍ مَائِعَةٍ بِخِلَافِ الْفَأْرَةِ فَإِنْ غَلَبَهُمْ الْمَاءُ فِي مَوْضِعٍ، وَجَبَ نَزْحُ جَمِيعِ الْمَاءِ فَالْمَرْوِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>