عَشَرَةٌ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَرَثَةِ تَمَامُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَهِيَ ثُلُثُ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الثَّالِثِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا: عَشَرَةٌ قِيمَةُ مَا أَدَّى وَعَشَرَةٌ مُحَابَاةٌ، وَهِيَ تَمَامُ ثُلُثِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِمَا أَخَذَ الْأَوَّلَانِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ حِينَ ظَفِرُوا بِالْأَوَّلِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَسْبَاعًا كَمَا بَيَّنَّا، فَحِينَ ظَفِرُوا بِالثَّانِي، كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى ثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ مُسْتَوْفٍ لِسَهْمِهِ، بَقِيَ حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي سِتَّةٍ، وَحَقُّهُمَا فِي سَهْمَيْنِ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ سَلِمَ لَهُمَا الرُّبْعُ مِمَّا عَلَيْهِمَا، قَدْ أَخَذَ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ كَمَا بَيَّنَّا فَيَسْلَمُ لِلثَّانِي مَا بَقِيَ مِنْ الرُّبْعِ، ثُمَّ إذَا ظَفِرُوا بِالثَّالِثِ، فَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُمْ فِي الثُّلُثِ، قَدْ أَخَذَ الْأَوَّلَانِ حَقَّهُمَا عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ إيصَالُ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِمَا فَيَسْلَمُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ كُلِّهِ لِلثَّالِثِ.
وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عِشْرِينَ إلَى أَجَلٍ، وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَضَاعَ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ السَّلَمَ فَقَدْ ذَهَبَ الرَّهْنُ بِنِصْفِ الْكُرِّ؛ لِأَنَّ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءً بِنِصْفِ الْكُرِّ، وَبِهَلَاكِ الرَّهْنِ إنَّمَا يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ: أَنْتَ بِالْخِيَارِ: فَإِنْ شِئْت أَدِّ ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ عَلَيْك مِنْ الْكُرِّ وَيَكُونُ مَا بَقِيَ عَلَيْك إلَى أَجَلِهِ، وَإِنْ شِئْتَ فَرُدَّ الدَّرَاهِمَ وَخُذْ مِنْ الْوَرَثَةِ نِصْفَ الْكُرِّ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالْأَجَلِ لَا تَتَعَذَّرُ إلَّا فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ، وَمَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ نِصْفُ الْكُرِّ، فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ الْأَجَلُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ، فَإِذَا اخْتَارَ فَسْخَ الْعَقْدِ رَدَّ الدَّرَاهِمَ وَأَخَذَ مِنْ الْوَرَثَةِ نِصْفَ الْكُرِّ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ حِينَ ضَاعَ فِي يَدِهِ صَارَ هُوَ بِهِ مُسْتَوْفِيًا نِصْفَ الْكُرِّ فَكَأَنَّهُ أَدَّاهُ إلَيْهِ، وَإِذَا فَسْخ الْعَقْدَ وَجَبَ عَلَى الْوَرَثَةِ رَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ إلَّا أَنْ تُجِيز لَهُ الْوَرَثَةُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ فَيَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَيَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَا تَغَيَّرَ عَلَيْهِ مُوجِبُ الْعَقْدِ، فَإِنَّ مُوجِبَ الْعَقْدِ وُجُوبُ تَسْلِيمِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ حِلِّ الْأَجَلِ، قَدْ سَلِمَ لَهُ ذَلِكَ حِينَ رَضِيَ الْوَرَثَةُ بِالْأَجَلِ فِيمَا بَقِيَ.
وَلَوْ أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَأَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا قِيمَتُهُ تُسَاوِي عَشَرَةً فَضَاعَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَدَّ الدَّرَاهِمَ كُلَّهَا وَأَخَذَ مِنْ الْوَرَثَةِ كُرًّا مِثْلَ كُرِّهَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِنِصْفِ الْمَالِ وَلَا يَسْلَمُ مِنْ الْمُحَابَاةِ إلَّا مِقْدَارُ الثُّلُثِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَإِذَا اخْتَارَ فَسْخَ الْعَقْدِ رَدَّ رَأْسَ الْمَالِ وَاسْتَرَدَّ كُرًّا مِثْلَ كُرِّهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا الْكُرَّ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عِنْدَ فَسْخِ السَّلَمِ، وَإِذَا اخْتَارَ إمْضَاءَ الْعَقْدِ فَمَالُ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الْكُرّ صَارَ مُسْتَهْلَكًا فَيَسْلَمُ لَهُ بِالْمُحَابَاةِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَيَرُدُّ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثَيْنِ.
وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ قِيمَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute