للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَقَدِّمَةِ. وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي شَيْءٍ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ آلَافٍ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْعَبْدِ لَا يَبْقَى مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ؛ فَلِهَذَا يَبْطُلُ الْعَفْوُ وَيَفْدِي جَمِيعَ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ.

وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا لِرَجُلٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمِ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ جَرَحَ الْعَبْدُ الْمَرِيضَ جِرَاحَةً خَطَأً فَمَاتَ مِنْهَا، وَعَفَا عَنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي فِي الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْعَبْدِ لَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَهُ، دَفَعَ بِثُلُثَيْنِ، وَأَمْسَكَ الثُّلُثَ وَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَوَّلُ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْوَاهِبِ فِي الْحُكْمِ عَبْدَانِ: عَبْدٌ يُسْتَحَقُّ لَهُ بِالْجِنَايَةِ وَعَبْدٌ كَانَ عَلَى مِلْكِهِ فَوَهَبَهُ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِهِ، وَذَلِكَ ثُلُثَا عَبْدٍ نِصْفُ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ بِالْهِبَةِ، وَنِصْفُهُ الثَّانِي بِالْعَفْوِ فَيَكُونُ السَّالِمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ثُلُثَ الْعَبْدِ، قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الثُّلُثَيْنِ وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَيَضْمَنُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَيَسْلَمُ لِلثَّانِي ثُلُثُ الْعَبْدِ بِالْعَفْوِ وَيَدْفَعُ ثُلُثَيْهِ إلَى وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَيَسْلَمُ لَهُمْ عَبْدٌ وَثُلُثَا عَبْدٍ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي ثُلُثَيْ عَبْدٍ فَاسْتَقَامَ.

فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا دَفَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ وَأَمْسَكَ الْخُمْسَ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْأَوَّلَ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ وَمَا عَلَيْهِ تَاوٍ، فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا هُوَ قَائِمٌ وَهُوَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ يَضْرِبُ فِيهِ الْوَرَثَةُ بِسِهَامِ حَقِّهِمْ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي بِسَهْمٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسَةٍ يَسْلَمُ لَهُ الْخُمْسُ وَيَدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ، فَإِذَا تَيَسَّرَ اسْتَقَامَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ ثُلُثَا قِيمَةِ الْعَبْدِ رَدَّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي إلَى تَمَامِ ثُلُثِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَ الْعَبْدِ فَدَى بِسُبْعِهِ وَخُمْسَيْ تُسْعِهِ بِتُسْعَيْ الدِّيَةِ وَخُمْسَيْ تُسْعِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَوَّلِ تُسْعَا قِيمَةِ الْعَبْدِ وَخُمْسَا تُسْعِهِ، وَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ ضِعْفَ الْقِيمَةِ لِأَجْلِ الْعَفْوِ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ وَضِعْفَ الْقِيمَةِ لِأَجْلِ الْهِبَةِ فَيَضُمُّ ذَلِكَ إلَى الْعَبْدِ فَيَكُونُ خَمْسَةَ آلَافٍ، ثُمَّ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى الْمَضْمُومِ كَمْ هُوَ مِنْ الْجُمْلَةِ فَيَجِدُ الْعَبْدَ وَالدِّيَةَ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ الْجُمْلَةِ، فَيَجُوزُ الْعَفْوُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَيَفْدِي أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ عَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ.

وَتَجُوزُ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ فِي أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْوَرَثَةِ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ سَهْمًا، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>