وَذَلِكَ يُسَاوِي عَشَرَةً وَنِصْفًا، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِقَالَةِ حَابَاهُمَا بِقَدْرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُحَابَاةُ لَهُمَا فِي الثُّلُثِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الثُّلُثِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ، فَإِنَّمَا يَعْتَبِرُ حِصَّةَ الْحَاضِرِ خَاصَّةً، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَهُوَ يَضْرِبُ بِسَهْمٍ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ خَمْسَةً، فَإِنَّمَا نُسْلِمُ لَهُ خُمْسَ هَذَا النِّصْفِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ الْمُحَابَاةُ لَهُمَا كَانَتْ بِقَدْرِ عِشْرِينَ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهِ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِقَالَةِ مَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي مِقْدَارِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ (أَلَا تَرَى) أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ كَانَتْ الْإِقَالَةُ تَجُوزُ لَهُمَا فِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحَابَاةِ مِثْلُ نِصْفِهِ، فَكَذَلِكَ هُنَا إنَّمَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ لِلْحَاضِرِ فِي مِقْدَارِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمُحَابَاةِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ، وَنِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَيُؤَدِّي سَبْعَةَ أَعْشَارِ نِصْفِ الْكُرِّ، قِيمَةُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ وَنِصْفٌ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ هُوَ السَّالِمُ لِلْوَرَثَةِ، قَدْ سَلِمَ لِلْحَاضِرِ بِالْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمِ، وَلِلْغَائِبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ إلَى أَنْ يَقْدُمَ الْغَائِبُ، فَإِذَا قَدِمَ رَدَّ نِصْفَ رَأْسِ مَالِ حِصَّتِهِ وَنِصْفَ كُرٍّ وَيَرُدُّ الْوَرَثَةُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الطَّعَامِ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ، وَيَأْخُذُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حَتَّى تَسْلَمَ الْإِقَالَةُ لَهُمَا فِي نِصْفِ الْكُرِّ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِخُمْسِهِ، فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا فِي عَشَرَةٍ وَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ نِصْفُ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسَائِلِ السَّلَمِ إلَى رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي هُنَاكَ عَلَى الْحَاضِرِ عِنْدَ غَيْبَةِ أَحَدِهِمَا يَكُونُ فَسْخًا لِعَقْدِ السَّلَمِ فِيمَا أَمَرَهُ بِالرَّدِّ، وَفَسْخُ السَّلَمِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَلَا يَعُودُ حَقُّهُ بِحُضُورِ الثَّانِي، فَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ هَذَا إقَالَةُ السَّلَمِ فَكَأَنَّهُ فَسَخَ الْإِقَالَةَ أَوْ مَنَعَ صِحَّتَهَا فِي النَّقْصِ عِنْدَ غَيْبَةِ أَحَدِهِمَا، فَإِذَا حَضَرَ وَأَمْكَنَ إعْمَالُهُ وَجَبَ إعْمَالُهُ؛ فَلِهَذَا كَانَ الرَّاجِعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا حَتَّى يَسْتَوِيَا فِي الْوَصِيَّةِ وَفِيمَا وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْإِقَالَةِ.
وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ لِرَجُلٍ صَحِيحٍ عَبْدًا يُسَاوِي ثَلَاثَ مِائَةٍ فَقَبَضَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمَرِيضِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ الْمَرِيضُ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْمَرِيضِ وَيَرْجِعُونَ أَيْضًا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُمْ الْهِبَةُ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَثُلُثَيْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَرِيضِ فِي الْحَاصِلِ خَمْسُمِائَةٍ الْعَبْدُ الْمَوْهُوبُ وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَى، وَهُوَ فِي كَعَبْدٍ آخَرَ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ دَيْنًا، وَهُوَ ثَمَنُهُ، فَإِذَا رَفَعْنَا الْمِائَةَ مِنْ سِتِّمِائَةٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَعَلَيْهِ رَدُّ مِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute