للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَأَفْدِي لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي خَمْسَةٍ وَتَبْطُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ وَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَخْتَارَ الْفِدَاءَ إلَيْهِمَا أَوْ الْفِدَاءَ لِلْوَاهِبِ وَالدَّفْعَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ إلَيْهِمَا، أَوْ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ إلَى الْوَاهِبِ خَاصَّةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خُمُسَيْهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ إلَيْهِمَا وَلِلْوَاهِبِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ بِاخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ فِي مَالِ الْوَاهِبِ عَلَى وَجْهِ تَخْرِيجِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ لَهُمَا وَقِيمَتُهُ سِتَّةُ آلَافٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ رُبْعَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَفْدِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ الْوَاهِبَ وَلَمْ يَقْتُلْ الْأَجْنَبِيَّ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ. فَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ الْأَجْنَبِيَّ مَعَهُ لِأَنَّ بِحُكْمِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَتَغَيَّرُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مِقْدَارُ مَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ. فَإِذَا جَازَتْ الْهِبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَدَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ وَيَرُدُّ الْهِبَةَ فِي رُبْعِ الْعَبْدِ فَيُقَالُ لِوَارِثِ الْوَاهِبِ ادْفَعْ الرُّبْعَ إلَى وَارِثِ الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ افْدِهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ حُكْمَ جِنَايَتِهِ عَلَى الْوَاهِبِ يُقَابِلُ ذَلِكَ الرُّبْعَ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَوْلَاهُ وَلَمْ يَبْقَ فِي ذَلِكَ الرُّبْعُ إلَّا جِنَايَةُ الْأَجْنَبِيِّ فَيَدْفَعُ الْوَارِثُ، أَوْ يَفْدِيهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبٍ كَانَ فِي ضَمَانِهِ.

وَلَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَجُلٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ أَوْ أَقَلُّ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ وَرَجُلًا أَجْنَبِيًّا قَتَلَا الْوَاهِبَ خَطَأً فَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ خَمْسَةُ آلَافٍ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نِصْفَ النَّفْسِ بِجِنَايَتِهِ وَيُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعْهُ، أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ كُلَّهُ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى هُنَا عَشَرَةُ آلَافٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ خَمْسَةُ آلَافٍ فَذَلِكَ عَشَرَةُ آلَافٍ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَجْعَلَ مَالَ الْمَيِّتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْمَيِّتِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِهِ سَهْمٌ فَيَصِيرُ مَالُهُ سَهْمَيْنِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ، وَمَالُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ فَنِصْفُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَجُوزُ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ وَهُوَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ عَشَرَةُ آلَافٍ مِثْلَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ.

وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ فَإِنَّ الْعَبْدَ أَتْلَفَ بِجِنَايَتِهِ نِصْفَ النَّفْسِ فَيَصِيرُ مَالُ الْمَيِّتِ سِوَى الْعَبْدِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَتَبَيَّنَ خُرُوجُ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةَ آلَافٍ فَاخْتَارَ دَفْعَهُ رَدَّ الرُّبْعَ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَدَفَعَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>