للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَخُ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الِابْنَةِ، أَوْ الِابْنَتَيْنِ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ فَعَلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ مَا بَقِيَ لِلْأُخْتِ نِصْفًا كَانَ، أَوْ ثُلُثًا.

وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْأَخَوَاتِ يَصِرْنَ عَصَبَةً مَعَ الْبَنَاتِ عِنْدَ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَصِرْنَ عَصَبَةً وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَ الذُّكُورُ بِالْإِنَاثِ مِنْ الْإِخْوَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْبَاقِيَ كُلَّهُ لِلذَّكَرِ فَالْأُخْتُ تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَ الْأُخْتِ لِأَبٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ بِأَنْ تَرَكَ بِنْتًا وَأَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُنَاكَ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْبَاقِيَ كُلَّهُ لِلذَّكَرِ وَالْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَعِنْدَنَا الْبَاقِي كُلُّهُ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَحُجَّتُهُ مَا رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ فَرِيضَةٍ فِيهَا ابْنَةٌ وَأُخْتٌ فَقَالَ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ فَقُلْت قَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ فَغَضِبَ وَقَالَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: ١٧٦] قَالَ الزُّهْرِيُّ فَلَمْ أَفْهَمْ مُرَادَ ابْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى سَأَلْت عَنْهُ عَطَاءً فَقَالَ مُرَادُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النِّصْفَ مَعَ الْوَلَدِ فَإِنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةً لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَجَبَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالْوَلَدِ اسْتَوَى فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَمَّا حَجَبَ الزَّوْجَ عَنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ وَالْمَرْأَةَ إلَى الثُّمُنِ مِنْ الرُّبُعِ بِالْوَلَدِ اسْتَوَى فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. فَكَذَلِكَ هُنَا شُرِطَ عَدَمُ الْوَلَدِ لِتَوْرِيثِ الْأُخْتِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ نَصِيبِ صَاحِبِ الْفَرِيضَةِ يَسْتَحِقُّهُ الْعَصَبَةُ بِالنِّسْبَةِ وَالْأَخُ عَصَبَةٌ. فَأَمَّا الْأُخْتُ فَلَيْسَتْ بِعَصْبَةٍ لِأَنَّهَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَا تَكُونُ عَصَبَةً فَعَرَفْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ فِي نَفْسِهَا، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ عَصَبَةً بِغَيْرِهَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً وَالِابْنَةُ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ عَصَبَةً مَعَهَا.

وَلَوْ صَارَ عَصَبَةً مَعَهَا لَشَارَكَهَا فِي الْمِيرَاثِ وَبِالْإِجْمَاعِ لَا يُشَارِكُهَا فِي نَصِيبِهَا فَعَرَفْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ أَصْلًا إلَّا أَنْ يُخَالِطَهَا ذَكَرٌ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ عَصَبَةً بِالذَّكَرِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] وَمَعْنَاهُ ابْنٌ بِدَلِيلِ مَا عَطَفَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] فَإِنَّ مَعْنَاهُ بِالِاتِّفَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>