وَالْجَدَّةِ مَعَ ذِي سَهْمٍ أَيًّا كَانَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا يُرَدُّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ شَيْءٌ بَعْدَ مَا أَخَذُوا فَرَائِضَهُمْ، وَلَكِنَّ نَصِيبَ الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ قَالَ يُرَدُّ عَلَى أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ نَفَرٍ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْجَدَّةِ، ثُمَّ الرَّدُّ عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَهُوَ مَذْهَبُنَا يَكُونُ بِطَرِيقَيْنِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ يُعْطُونَ فَرَائِضَهُمْ أَوَّلًا، ثُمَّ يَرُدَّ الْبَاقِيَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ فَرَائِضِهِمْ فَتَكُونَ الْقِسْمَةُ مَرَّتَيْنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ فَرَائِضِهِمْ فَيُقْسَمُ جَمِيعُ الْمَالِ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التَّطْوِيلِ وَبَيَانُهُ فِيمَا إذَا تَرَكَ أُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُمًّا فَعَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ الْقِسْمَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ عَلَى مِقْدَارِ فَرِيضَتِهِمَا فَتَكُونُ عَلَى خَمْسَةٍ وَسِتَّةٌ عَلَى خَمْسَةٍ لَا يَسْتَقِيمُ فَيُضْرَبُ سِتَّةٌ فِي خَمْسَةٍ فَتَكُونُ ثَلَاثِينَ مِنْهُ تَصِحُّ.
وَعَلَى الْآخَرِ يُقْسَمُ الْمَالُ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْأُخْتِ وَخُمُسَاهُ لِلْأُمِّ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُخَالِطْهُمْ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ خَالَطَهُمْ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْقِسْمَتَيْنِ وَبَيَانُهُ إذَا تَرَكَتْ امْرَأَةٌ زَوْجًا وَأُمًّا وَابْنَةً فَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَلِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ بَقِيَ سَهْمٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ نِصْفُ سُدُسٍ فَيُرَدُّ عَلَى الِابْنَةِ وَالْأُمِّ دُونَ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا أَرْبَاعًا فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ تَضْرِبَ اثْنَيْ عَشَرَ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَكُونَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ، ثُمَّ الْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ بَيْنَ الْأُمِّ وَالِابْنَةِ لِلِابْنَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُمِّ رُبُعُهَا وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يُطْلَبُ حِسَابٌ لَهُ رُبُعٌ وَلِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ رُبُعٌ وَأَقَلُّ ذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ فَيُعْطَى الزَّوْجُ الرُّبُعَ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ يَبْقَى اثْنَا عَشَرَ لِلِابْنَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ رُبُعُهَا ثَلَاثَةٌ فَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ جَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنَّ الرَّدَّ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الرَّحِمِ وَلِهَذَا لَا يُرَدُّ عَلَى مَنْ لَا رَحِمَ لَهُ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْمِيرَاثَ يُسْتَحَقُّ بِالرَّحِمِ، وَأَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ يُقَدَّمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. فَكَذَلِكَ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ فِيمَا بَقِيَ يُقَدَّمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِالرَّحِمِ.
وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ذَوُو الْأَرْحَامِ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا، وَلَكِنْ يَصْرِفُ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَلَا عَصَبَةٍ. فَكَذَلِكَ إذَا فَضَلَ عَنْ حُقُوقِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَلَيْسَ هُنَاكَ عَصَبَةٌ قُلْنَا بِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَالْحُجَّةُ لِمَنْ أَبَى الرَّدَّ آيَةُ الْمَوَارِيثِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَالتَّقْدِيرُ الثَّابِتُ بِالنَّصِّ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ مُجَاوَزَةَ الْحَدِّ الشَّرْعِيِّ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ آيَةِ الْمَوَارِيثِ {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} [النساء: ١٤] الْآيَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute