عَلَى الْحَدِّ الْمَحْدُودِ شَرْعًا لَا يَجُوزُ النُّقْصَانُ عَنْهُ وَبِالْإِجْمَاعِ يُنْتَقَصُ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَمَّا سُمِّيَ لَهُ عِنْدَ الْعَوْلِ وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لِأَنَّ فِيهِ عَمَلًا بِالنُّصُوصِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَكَذَلِكَ الرَّدُّ.
وَلَمَّا «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَعُودُهُ قَالَ أَمَا إنَّهُ لَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ لِي فَأُوصِي بِجَمِيعِ مَالِي الْحَدِيثُ إلَى أَنْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» فَقَدْ اعْتَقَدَ سَعْدٌ أَنَّ الِابْنَةَ تَكُونُ وَارِثَةً فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ مَنَعَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مَعَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ كَانَتْ لَا تَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ عَلَى النِّصْفِ بِالرَّدِّ لَجَوَّزَ لَهُ الْوَصِيَّةَ بِنِصْفِ الْمَالِ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ الْمُلَاعِنَةَ مِنْ أُمِّهَا» أَيْ وَرَّثَهَا جَمِيعَ الْمَالِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِطَرِيقِ الرَّدِّ، وَفِي حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تَحُوزُ الْمَرْأَةُ مِيرَاثَ لَقِيطِهَا وَعَتِيقِهَا وَالِابْنُ الَّذِي لُوعِنَتْ بِهِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ خِلَافَةٌ وَالْوَارِثُ يَخْلُفُ الْمُوَرِّثَ مِلْكًا وَتَصَرُّفًا حَتَّى إنَّ مَا يَقْطَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ وَاخْتِلَافِ الدِّينِ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ وَلِهَذَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِالسَّبَبِ الْعَامِّ دُونَ السَّبَبِ الْخَاصِّ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ بِالسَّبَبِ الْعَامِّ دُونَ السَّبَبِ الْخَاصِّ وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ بِحَالٍ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَا تَثْبُتُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِحَالٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْإِرْثَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْعَدَمَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْأَهْلِيَّةُ لِلْمُبَاشَرَةِ وَالتَّصَرُّفِ، وَمَا انْعَدَمَتْ الْأَهْلِيَّةُ لِلْمِلْكِ وَالْوَارِثَةِ خِلَافُهُ فِي الْمِلْكِ، ثُمَّ وَلِيُّهُمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا فِي التَّصَرُّفِ فَلَا يَتَمَكَّنُ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَالْجُنُونِ خَلَلٌ فِيمَا بِهِ تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْإِرْثِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ قُلْنَا الْأَقَارِبُ سَاوَوْا الْمُسْلِمِينَ فِي الْإِسْلَامِ وَتَرَجَّحُوا بِالْقَرَابَةِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْعُصُوبَةِ وَمُجَرَّدُ الْقَرَابَةِ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ لَا تَكُونُ عِلَّةً لِلْعُصُوبَةِ فَثَبَتَ بِهَا التَّرْجِيحُ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَةِ الْأُمِّ فِي حَقِّ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّ التَّرْجِيحَ يَحْصُلُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعُصُوبَةَ بِانْفِرَادِهِ وَإِذَا تَرَجَّحُوا بِقُوَّةِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِمْ كَانُوا أَوْلَى بِمَا بَقِيَ مِنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّ هَذَا التَّرْجِيحَ بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ بِهِ اسْتَحَقُّوا الْفَرِيضَةَ فَيَكُونُ سَبَبًا عَلَى تِلْكَ الْفَرِيضَةِ فَكَمَا أَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ يَسْقُطُ بِاعْتِبَارِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبُ مِنْ السَّبَبِ. فَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالرَّدِّ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فَيَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْقَرَابَةِ جَمِيعًا عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ، ثُمَّ الْحَاصِلُ أَنَّ الرَّدَّ بِهِ عَلَى سَبْعَةِ نَفَرٍ الِابْنَةِ وَابْنَةِ الِابْنِ وَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ وَوَلَدِ الْأُمِّ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، وَقَدْ يَكُونُ الرَّدُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute