الْأَخِ مَحْجُوبَةً بِهَا؛ لِأَنَّ الْأَخَ مَحْجُوبٌ بِالْأَبِ فَجَعَلْنَاهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ لِهَذَا الْمَعْنَى، فَأَمَّا مَعَ الْخَالَةِ فَقَدْ جَعَلْنَا الْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّ قَرَابَتَهَا قَرَابَةُ الْأُمِّ فَتُجْعَلُ الْعَمَّةُ مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّ قَرَابَتَهَا قَرَابَةُ الْأَبِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْحَدِيثِ قَالُوا الْعَمَّةُ وَلَدُ الْجَدِّ وَبِهِ تَتَّصِلُ بِالْمَيِّتِ فَتَقُومُ مَقَامَ الْجَدِّ أَبٍ الْأَبِ وَالْخَالَةُ وَلَدُ الْجَدِّ أَبٍ الْأُمِّ وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ وَلَوْ جَعَلْنَاهَا كَالْجَدِّ أَبٍ الْأُمِّ لَمْ تَرِثْ شَيْئًا وَلَوْ جَعَلْنَاهَا كَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ كَانَتْ وَارِثَةً مَعَ الْعَمَّةِ فَبِهَذَا الطَّرِيقِ جَعَلْنَاهَا كَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ. وَجْهُ قَوْلِ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْأُنْثَى مَتَى أُقِيمَتْ مَقَامَ ذَكَرٍ فَإِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ ذَكَرٍ فِي دَرَجَتِهَا وَلَا تُقَامُ مَقَامَ ذَكَرٍ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهَا بِدَرَجَةٍ أَوْ أَقْرَبُ وَالذَّكَرُ الَّذِي فِي دَرَجَةِ الْعَمَّةِ الْعَمُّ، وَهُوَ وَارِثٌ فَتُجْعَلُ الْعَمَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْعَمِّ لِهَذَا، فَأَمَّا أَبُو الْأَبِ فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْهَا بِدَرَجَةٍ فَلَا يُمْكِنُ إقَامَتُهَا مَقَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالْخَالَةُ لَوْ أَقَمْنَاهَا مَقَامَ ذَكَرٍ فِي دَرَجَتِهَا، وَهُوَ الْخَالُ لَمْ تَرِثْ مَعَ الْعَمَّةِ فَلِهَذِهِ الضَّرُورَةِ أَقَمْنَاهَا مَقَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالْخَالَةُ لَوْ أَقَمْنَاهَا مَقَامَ ذَكَرٍ فِي دَرَجَتِهَا، وَهُوَ الْخَالُ لَمْ تَرِثْ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْخَالَةِ الثُّلُثُ بِهَذَا الطَّرِيقِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَرَكَ أُمًّا وَعَمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَمَّةَ لَوْ جُعِلَتْ كَالْجَدِّ أَبِ الْأَبِ لَكَانَ الْعَمُّ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَرَابَتَهُمَا سَوَاءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَمُّ مُزَاحِمًا لِلْإِخْوَةِ كَالْجَدِّ، وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ هَذَا الْمَعْنَى فِي حَقِيقَةِ الْعُصُوبَةِ فَكَذَلِكَ فِي مَعْنَى الْعُصُوبَةِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ إذَا تَرَكَ عَمًّا وَعَمَّةً فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَإِذَا كَانَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْعَمِّ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَلَا مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ الْعَصَبَةِ.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَمُّ لِأَبٍ وَالْعَمَّةُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، فَأَمَّا إذَا كَانَا جَمِيعًا لِأُمٍّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقَرَابَةِ فَإِنَّ قَرَابَتَهُمَا قَرَابَةُ الْأُمِّ وَبِاعْتِبَارِ قَرَابَةِ الْأُمِّ لَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأُمٍّ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ تَوْرِيثَهُمَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْعُصُوبَةِ، وَفِي الْعُصُوبَةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ مَا لِلْأُنْثَى إذَا تَسَاوَيَا فِي الدَّرَجَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَهُمَا بِالْفَرْضِيَّةِ وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْفَرْضِيَّةِ لَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: ١١] الْآيَةَ.
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ إذَا كَثُرُوا
فَإِنْ اجْتَمَعَ عَمَّاتٌ بَعْضُهُنَّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبَعْضُهُنَّ لِأَبٍ وَبَعْضُهُنَّ لِأُمٍّ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِقُوَّةِ السَّبَبِ فِي حَقِّهَا بِاجْتِمَاعِ الْقَرَابَتَيْنِ، وَعَلَى هَذَا أَوْلَادُ الْعَمَّاتِ إذَا كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ فَلَهُ الْمَالُ كُلُّهُ، وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ يَتَرَجَّحُ ذُو الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى هَذَا مِيرَاثُ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ حَتَّى إذَا تَرَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute