للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَكَانَ بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا بِمَكَّةَ أَوْ أَعْتَكِفَ فَصَامَ أَوْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ خَرَجَ عَنْ مُوجِبِ نَذْرِهِ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَخْرُجُ عَنْ مُوجِبِ نَذْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِمَكَّةَ فَصَلَّاهُمَا هُنَا أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مُوجِبِ نَذْرِهِ إلَّا بِالْأَدَاءِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ أَوْ فِي مَكَان هُوَ أَعْلَى مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ وَأَفْضَلُ الْبِقَاعِ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ فِيهَا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ سِوَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا، وَصَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي هَذَا».

فَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ رَكْعَتَيْنِ لَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُمَا إلَّا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عِنْدَهُ، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُمَا إلَّا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا إلَّا فِي أَحَدِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَاجِد فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَإِذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ وَإِذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي بَيْتِهِ وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي نَذَرَتْ إنْ فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْك مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْبَيْتِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهَا وَأَدْخَلَهَا الْحَطِيمَ وَقَالَ: صَلِّي هَهُنَا فَإِنْ الْحَطِيمَ مِنْ الْبَيْتِ» الْحَدِيثَ فَهَذَا دَلِيلُ اعْتِبَارِ تَعْيِينِهِ الْمَكَانَ فِي النَّذْرِ بِالصَّلَاةِ «وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي نَذَرَتْ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِي هَذَا فَكَأَنَّمَا صَلَّى فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ» فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْأَدَاءِ فِي مَكَان هُوَ أَعْلَى مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ؛ وَلِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ لِبَعْضِ الْأَمْكِنَةِ فَضِيلَةً عَلَى الْبَعْضِ وَكَذَلِكَ لِبَعْضِ الْأَزْمِنَةِ فَإِذَا عَيَّنَ لِنَذْرِهِ مَكَانًا ثُمَّ أَدَّى فِي مَكَان دُونَ ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي الْفَضِيلَةِ فَإِنَّمَا يُقِيمُ النَّاقِصَ مَقَامَ الْكَامِلِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْأَدَاءِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ كَمَا الْتَزَمَهُ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَدَّى فِي مَكَان هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ فَقَدْ أَدَّى أَتَمَّ مِمَّا الْتَزَمَهُ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا فَصَامَ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا يَخْرُجُ عَنْ مُوجِبِ نَذْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>