مِنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ
رَجُلٌ مَاتَ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَالْأَخُ وَارِثُهُ وَهُمَا أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ إنَّ الثَّانِيَ أَقَرَّ بِأَخٍ لِأَبٍ فَإِنَّهُ يُقَاسِمُهُ هَذِهِ الْأَلْفَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ حَقَّ الْمَيِّتِ الثَّانِي كَانَ فِي ثُلُثَيْ الْأَلْفِ وَأَنَّ مَا أَخَذَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ كَانَ مُسْتَحِقُّ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَضَاءً مِمَّا كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ تَرِكَةً لِلْمَيِّتِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْمُقَرَّ بِهِ مُسَاوٍ لَهُ فِي تَرِكَتِهِ فَلِهَذَا قَاسَمَهُ مَا فِي يَدِهِ نِصْفَيْنِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ فَإِنْ كَانَ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ ثُلُثَ الْأَلْفِ وَأَخَذَ مِنْ الْمُقِرِّ ثُلُثَ الْأَلْفِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ زَعَمَ أَنَّ حَقَّ الْمُقَرِّ بِهِ فِي ثُلُثِ كُلِّ أَلْفٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ الثَّانِي فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ تَرِكَتِهِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ الثَّانِي، وَقَدْ تَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ فَأَقَرَّ بِأَخٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ، فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ: أَقْرَرْتُ أَنَّ هَذَا الْأَلْفَ تَرَكَهَا أَبِي وَأَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُهُ وَلَسْتَ ابْنَهُ فَادْفَعْهَا إلَيَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَلْفُ وَلِلْمُقَرِّ بِهِ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِمَا بِيَدِهِ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ لِلْمُقَرِّ بِهِ بِنِصْفِهَا وَلَا يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَسَبِهِ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ سَبَبٌ مِثْلُهُ فَلَا يُزَاحِمُهُ، وَفِي الْأَوَّلِ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ، وَهُوَ مَا أَقَرَّ لَهُ إلَّا بِالنِّصْفِ وَصِحَّةُ إقْرَارِ ذِي الْيَدِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ قَالَ: كَذَلِكَ كُلُّ وَارِثٍ مَا خَلَا الزَّوْجَ وَالْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِوَارِثٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ وَأَنْكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَخَذَ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْفَرْقَ وَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ اخْتِلَافِ الرَّوِيَّاتِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ فَاقْتَسَمَا الْمَالَ، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَقَالَ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ أَنْتَ أَخِي لِأَبِي وَأُمِّي، وَقَالَ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ أَنْتَ أَخِي لِأَبِي وَأُمِّي فَإِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ يُقَاسِمُ الْأَخَ مِنْ الْأَبِ بِمَا فِي يَدِهِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبٍ مُسَاوٍ لَهُ فِي التَّرِكَةِ وَالْمُقَرُّ لَهُ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ وَادَّعَى زِيَادَةً عَلَيْهِ فَيُقَاسِمُهُ مَا فِي يَدِهِ نِصْفَيْنِ، وَفِي يَدِهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ التَّرِكَةِ فَقَدْ وَصَلَ إلَى الْمُقَرِّ بِهِ سُدُسَانِ وَنِصْفُ سُدُسٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي نَصِيبِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأُمِّ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِثْلُهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ السُّدُسُ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَلِهَذَا لَا يُزَاحِمُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ وَلَوْ قَالَ الْأَخُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute