وُجُودُ الْمِلْكِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ هُنَا بِالْبَيْعِ فَيُتْرَكُ الْعِتْقُ بِالسَّبَبِ الَّذِي صَحَّ مِنْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَيَصِيرُ بِهِ مُعَلِّقًا رَقَبَتَهُ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيُعْتَقُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَعِنْدَنَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ عِنْدَ نُزُولِ الْجَزَاءِ لِأَنَّ الْإِيجَابَ إنَّمَا يَتَّصِلُ بِالْمَحَلِّ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَالشَّرْطُ هُنَا هُوَ الْبَيْعُ فَإِذَا زَالَ مِلْكُهُ بِالْبَيْعِ فَقَدْ انْعَدَمَ الْمِلْكُ فِي الْمَحَلِّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ بَلْ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ كَلَّمْتَ فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ كَلَّمَتْ فُلَانًا عِنْدَنَا لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى يَقَعُ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَان فَجَاوَزَ بِهَا الْمَكَانَ ثُمَّ عَطِبَتْ بَعْدُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا عِنْدَنَا وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْأَجْرُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لِأَنَّ الْأَجْرَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ وَقَدْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ مَلَكَ الْمَضْمُونَ وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرَ بِسَبَبِ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ نَفْسِهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ لَمَّا انْتَهَى إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَقَدْ انْتَهَى الْعَقْدُ نِهَايَتَهُ وَتَقَرَّرَ الْأَجَلُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ بِالْمُجَاوَزَةِ صَارَ غَاصِبًا ضَامِنًا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَجْرُ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا ثُمَّ غَصَبَهَا مِنْهُ وَهَذَا لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالضَّمَانِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَالْأَجْرُ إنَّمَا لَزِمَهُ بِمُقَابَلَةِ مَنَافِعَ اسْتَوْفَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
وَإِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ مَعَهُ وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ فَعِنْدَنَا يَسْجُدُ مَعَهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيَعْتَدُّ بِهَا لِأَنَّ حَالَةَ الرُّكُوعِ بِمَنْزِلَةِ حَالَةِ الْقِيَامِ فَإِنَّ الْقَائِمَ إنَّمَا يُفَارِقُ الْقَاعِدَ فِي اسْتِوَاءِ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْهُ دُونَ النِّصْفِ الْأَعْلَى وَالرَّاكِعُ فِي هَذَا وَالْمُنْتَصِفُ سَوَاءٌ وَلِهَذَا لَوْ رَكَعَ مَعَهُ كَانَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ فَكَانَ إدْرَاكُهُ إيَّاهُ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَإِدْرَاكُهُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ سَوَاءً وَلَوْ أَدْرَكَهُ قَائِمًا ثُمَّ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ يُتَابِعُهُ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ فَكَذَلِكَ هُنَا وَلَكِنَّا نَقُولُ شَرْطُ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَنْ يُشَارِكَ الْإِمَامَ فِي حَقِيقَةِ الْقِيَامِ أَوْ فِيمَا هُوَ مُشَبَّهٌ بِالْقِيَامِ وَهُوَ الرُّكُوعُ حَتَّى يَكُونَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ فَإِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ هُوَ فَقَدْ انْعَدَمَتْ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيَامِ أَوْ فِيمَا هُوَ مُشَبَّهٌ بِالْقِيَامِ وَهُوَ الرُّكُوعُ فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَائِمًا فَقَدْ شَارَكَهُ فِي حَقِيقَةِ الْقِيَامِ وَكَانَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ.
وَأَمَّا إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا فَهُوَ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي حَقِيقَةِ الْقِيَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيمَا هُوَ مُشَبَّهٌ بِالْقِيَامِ وَهُوَ الرُّكُوعُ حَتَّى يَكُونَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ فَإِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَقَدْ انْعَدَمَتْ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute