للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ إثْبَاتًا لِلْقَيْدِ مِنْهُ.

وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي صِحَّتِهِ فَجَحَدَ ذَلِكَ الزَّوْجُ وَادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ بَعْدَ أَنْ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ مِنْهَا بِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ وَهُوَ انْتِهَاءُ النِّكَاحِ بِالْوَفَاةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَهَا الْمِيرَاثُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا حَلَفَ وَقَضَى الْقَاضِي بِقِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا كَانَ ذَلِكَ تَكْذِيبًا مِنْهُ لَهَا فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَالْمُقِرُّ مَتَى صَارَ مُكَذِّبًا شَرْعًا فِي إقْرَارِهِ يَبْطُلُ حُكْمُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَلِهَذَا كَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ مَوْتِهِ إقْرَارًا مُسْتَقْبَلًا أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَكِنَّا نَقُولُ الْقَاضِي بَعْدَ يَمِينِ الزَّوْجِ لَا يَقْضِي بِالنِّكَاحِ وَلَا يُبْطِلُ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ وَلَكِنْ يَمْنَعُهَا مِنْ الْمُنَازَعَةِ وَالْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ وَيَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَلَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْحُكْمُ تَكْذِيبَهَا فِي الدَّعْوَى.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ الْإِقْرَارُ السَّابِقُ مِنْهَا وَالْمَوْجُودُ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ فِي الْحُكْمِ سَوَاءً.

وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ إنْ ضَمَمْتُ إلَيْكِ أُخْرَى فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ هَذِهِ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ عِنْدَنَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى تَطْلُقُ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْيَمِينُ انْعَقَدَ صَحِيحًا فِي الْمِلْكِ وَالشَّرْطُ وُجِدَ فِي الْمِلْكِ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّرْطَ ضَمَّ امْرَأَةً أُخْرَى إلَيْهَا وَهَذَا الضَّمُّ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا اجْتَمَعَتَا فِي نِكَاحِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ بِهَا، وَلَكِنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ إنْ ضَمَمْتُ إلَيْكِ امْرَأَةً أُخْرَى بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ وَهَذَا لِأَنَّ ضَمَّ غَيْرِهَا إلَيْهَا إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا تَزَوَّجَ الْأُخْرَى وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ.

فَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَ الْأُخْرَى بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّمَا ضَمَّهَا هِيَ إلَى الْأُخْرَى.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الشَّرْعَ حَرَّمَ ضَمَّ الْأَمَةِ إلَى الْحُرَّةِ فِي النِّكَاحِ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً بَقِيَ نِكَاحُ الْأَمَةِ صَحِيحًا بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً.

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ عِنْدَنَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَيْضًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ وَاسْتَثْنَى؛ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَوْصُولَ يُخْرِجُ الْكَلَامَ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَزِيمَةً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: ٦٩] وَلَمْ يَصْبِرْ وَلَمْ يُعَاتَبْ عَلَى ذَلِكَ وَالْوَعْدُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَالْعَهْدِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا فِي الْأَيْمَانِ.

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقَعُ الطَّلَاقُ هُنَا.

وَكَذَلِكَ الْعَتَاقُ وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَعْمَلُ عِنْدَهُ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَبِالْعَتَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>